مؤشرات “ترامب”

المزعج إن لم يكن صادما صعود "ترامب" إلى الرئاسة الأمريكية، هو تحديدا بالنسبة لسلطة اللوبيات والشبكة الأمريكية العالمية من الفساد والإفساد…

المزعج إن لم يكن صادما صعود "ترامب" إلى الرئاسة الأمريكية، هو تحديدا بالنسبة لسلطة اللوبيات والشبكة الأمريكية العالمية من الفساد والإفساد.

هذه الشبكة المتورطون فيها أساسا هي أجهزة حكم عديدة في العالم. حكومات أوربية و الخليج و في مختلف أرجاء العالم. تلك الشبكة الرهيبة المعقدة التي تضم سياسيين مختلفي الألوان.. دائرة جحيمية من مصلحتها المحافظة على التوتر في العالم و زيادته والحكومات التي تلعب دور العداء بينما هم متمعشون من ذاك الوضع، و مثل ذلك هو العداء السعودي الإيراني بينما كل منهما دعم المرشحة الديمقراطية "هيلاري كلنتون".. هذه السيدة ليست من ابرز صانعي "داعش" فقط ، و إنما هي التي تدير تلك الشبكة الرهيبة ذات التـفرعات العديدة و المذهلة.

إنها في كلمة واحدة استـنـزاف لشعوب العالم وضحك على الذقون وحتى بعض الفضائح التي يتم إثارتها لا تـنـتهي بمحاكمات أو عقوبات، و إنما هي تصفية حسابات لما يشبه شبكة عالمية من "مافيا" كبيرة ذات عدة فروع قد تـتـناقض مصالحها أو قد تحتدم فيها المنافـسة، و لكن أن تصل الأمور إلى أروقة العدالة الفعلية فذاك من شأنه أن يفضح الآخرين.. أي و بالمختصر المفيد فالحكومات في هذه الشبكات كأنها مورطة في عصابات ترويج المخدرات، هذا إن لم يكن فعلا وجود تجارة للمخدرات ضمن هذه الشبكة التي تصل مضاربات البورصة بتجارة السلاح و تجارة الدواء بإشعال الحروب والفتن وغيرها من الأعمال الرهيبة التي تكشف عن عالم من الجحيم نعيش فيه..

أما عربيا فواقع الصدمة المؤكد هو بالنسبة للإسلام السياسي بداعشيته وعائلاته الحاكمة وملاليه وعثمانييه ومعتدليه.. يمكن القول إن صعود "ترامب" يعني الضربة القاضية للإسلام السياسي المرتبط بالشبكة المذكورة والموظف كأكبر عامل خلق التوترات العالمية التي تعني أموالا سائلة لهذه الدوائر الجحيمية..

قال "ترامب" في أول كلمة له بعد الفوز أن الولايات المتحدة ستحارب الإرهاب بجدية. أي أنها سوف لن تقوم بمحاربته بمنطق التحجيم و السيطرة والحماية لاستبدال مواقعهم حسب الحسابات المختلفة. ولا ننسى انه عبر عن إعجابه بالرئيس السوري بشار الأسد و نعت الرئيس الروسي "بوتين" بزعيم العالم. أي اقر بان زعامة العالم انتـقـلت من أمريكا إلى روسيا. كما أن إعجابه بالرئيس السوري بخلاف تأكيده على تـناقضه مع موقف أروقة الحكم في الغرب، فانه ربما أساسا أراد القول أنه مشروع ممارسة فعلية للسلطة و ليس مجرد ممثل للسلطة.. فمنذ أسبوع وصف "اوباما" "ترامب" بكونه يهدد الديمقراطية الأمريكية.

ومن الواضح أن "ترامب" يمتلك نواة صلبة من الأتباع داخل الحزب الجمهوري. لا ننسى انه في الثمانينات أسس حزبا و لكن لم يعرف الانتـشار. هذه النواة هددت باللجوء إلى العنف المسلح إن لم يفز مرشحهم بالانتخابات.

خطابات "ترامب" و شعبويته و لغته المباشرة و الهجومية التي تـثير الحماسة لدى الشعوب. كلها تعطي الانطباع بكون الرجل فاشي و له عصبة فاشية. ان كان الأمر كذلك فهو تعبير واضح إذن عن تكشف عام لزيف الديمقراطية الأمريكية، و ليس تعبيرا عن أنها ستـنـقلب إلى دكتاتورية مثلما قال "اوباما".. لكن من المؤكد أن أمريكا تـفـتـقد إلى سلطة سياسية فعلية. تـفــتـقد إلى العقلانية السياسية أو الإرادة السياسية القائمة على عقلانية سياسية.

السلطة في أمريكا اساسا هي بأيدي المافيات التي لمحنا إليها. و السيد "ترامب" لم يتم تمويله من أي طرف فهو مستـقل إذن. لا ندعي انه ليس فاشيا أو قوميا يمينيا فقد هرعت السيدة "لوبان" إلى تهنئته. و لكن المؤكد انه سيمارس سلطة فعلية و لن يكون ممثلا لسلطة الدولة العميقة.

وهذا ما عبرت عنه السيدة "هيلاري كلنتون" بقولها انه غير مضمون. فممارسة السلطة وفق قناعاته و ليس وفق برامج معدة مسبقا لمصالح دائمة هو ما يجعله غير مضمون.. فهل سيتمكن الرئيس الأمريكي القادم من تأكيد استـقلاليته، التي تعني فضائح فساد في أعلى مستويات الدولة الأمريكية، وشخصيات مهمة سيتم الزج بها في السجون؟ أما السياسة الخارجية فواضحة تماما. انكماش الإمبراطورية و هي سائرة فيه منذ انسحابها من العراق، و مآسي و مضيعة لفرص التحرر و الاستـقرار.

كانت أمريكا ستخرج من العالم بكوارث عدة تطالها هي نفسها و لكن انسحاب "ترامب" من العالم سيجنب العالم مزيدا من الكوارث. لقد أعلنها صراحة أن العالم الآن تحكمه روسيا و هذا ما مثل صدمة كبرى لأوربا لأنها مذعورة من الدب الروسي.. من الممكن جدا، ان يظهر معتوه ما أو مختل عقليا فهؤلاء لهم دور كذلك في رسم سياسات العالم، ليطلق بعض رصاصات على "ترامب"، فإما ان يتم قـتله مثلما وقع مع الرئيس الأمريكي "كيندي" فتعود السلطة إلى تلك الشبكة المذكورة، وإما أن ينجو فتكون حجة قوية له ليمارس قمعا غير محدود يؤسس لدولة فاشية و لكنها في اتجاه الداخل الأمريكي فقط..

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.