مؤتمر النهضة: من أجل ترسيخ حزب يجمع بين النضال والكفاءة

أحيانا يختزل البعض العالم في معادلات ثنائية سواء عن سوء فهم وسطحيّة أو عن قصد وسوء نيّة، في حين أنّ المشهد يتّسع لأكثر من فرضيّة واحتمال.

طبعا لن يكون مؤتمر حركة النهضة سهلا لعديد التعقيدات الناتجة عن تراكمات تاريخيّة ورهانات الحاضر والمستقبل ولكن تبقى ضرورة السعي للإصلاح أمرا حتميا حتى يحقّق هذا الجسم توازنه ونجاعته.

مناضلو حركة النهضة هم اهم أرصدتها ودعائم نجاحها لما فيهم من خصال التضحية والعطاء والوفاء كما أنّ جزءا كبيرا من هذا الرصيد النضالي يتمتّع بكفاءة عالية على غرار من يتمتع بالاستعدادت الضرورية للتأهيل والتطوّر.

إنّ أهم خصائص الادارة السليمة يتمثّل في حسن توظيف الطاقات واستثمار قدراتهم بما يحقّق النجاح للفرد والمجموعة معا في نفس الوقت. هذا التوازن بين حقوق الفرد وحقوق المجموعة هو ما عجزت عن تحقيقه حركة النهضة عبر تنظيمها الداخلي ممّا جعل من المناضلين أشبه بالأجراء في مشروع هم أساس امتداده الزمني والجغرافي. كما أنّ انخرام التوازن في هذه المعادلة الحقوقية لطرف على حساب الاخر يعطّل تقدّم الكيان وفاعليته بالشّكل المطلوب.

بعد مرور 5 سنوات على عودة حركة النهضة للساحة السياسية لم يكن هناك التفات جدي للمناضلين كطاقات وطنيّة وقع تهميشها زمن الاستبداد وكان لابدّ من الاستثمار فيها من جديد عبر تأهيلها وتكوينها ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

طبعا يختلف هذا عن التعاطي معهم كحالات اجتماعية او كاحتياطي تعبوي يقع الاستنجاد به في المحافل والازمات. ورغم هذا الاهمال الذي يستوجب تقييما دقيقا على مستوى ادارة الملف الداخلي للحركة فإنّ محاولات استعمال غيرة المناضلين على حركتهم لم تقف هنا.

يمكنك اكتشاف ذلك حين تجد اصواتا تخلق فزاعات في اذهان الجماهير النهضاوية من اجل تعبئتهم وتحشيدهم ضد خصوم غير موجودة، مثلا ايهامهم انّ هناك من يريد اقصاءهم وأنّ عملية التطوّر تقتضي التخلص منهم. وفي الحقيقة ماهي الا تقنية سيكولوجية لتحويل انظار الناس والهائهم عن اسئلتهم الضروريّة من قبيل : لماذا لم يقع تأهيل المناضل في هذه السنوات وتمليكه أدوات العصر حتى لا يقع تخويفه بعد ذلك ببعبع الاصلاح والتجديد ؟وكيف يمكن انجاز ذلك مستقبلا وتحقيق التوازن بين الحفاظ على الرصيد القديم للنهضة مع الانفتاح على الطاقات الوطنيّة والكفاءات الشابّة في البلاد ؟

إنّ موقع حركة النهضة الجديد يفرض عليها جملة من الاصلاحات الهيكليّة والمضمونيّة لتتمكّن من دعم دورها الوطني في استكمال عملية بناء مؤسسات الدولة وإصلاح شؤون الناس. ولا يكون ذلك الا بالانفتاح على الناس .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*محمد خليل برعومي: رئيس منتدى الفكر السياسي والاقتصادي وعضو بحركة النهضة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.