في ذكرى اغتيال شكري بالعيد ..عودة الى 6 فيفري

6 فيفري 2013 أكثر من مجرد تاريخ لاغتيال سياسي يساري في تونس . انه بداية مرحلة ونهاية أخرى. في صبيحة يوم اغتيال شكري بالعيد، القيادي في حركة الوطنيين الديمقراطيين، دخلت تونس مرحلة جديدة عنوانها الاغتيال السياسي بالرصاص الحي لحادثة تعتبر نادرة في تاريخ البلاد منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.

ربما يجب ان نعود الى السنوات الاولى للاستقلال لنعثر على حادثة مشابهة. الفرق بين اغتيال صالح بن يوسف وشكري بالعيد ان الاغتيال الاول تم خارج البلاد، في احدى المدن الالمانية والثاني تم في قلب العاصمة تونس.

الفرق الثاني ربما بين الاغتيالين مرتبط باختلاف السياق التاريخي لكلتا الحادثتين. الاغتيال الاول كان تحت غطاء سياسي مصلحي شخصي ، والثاني يندرج في ما درج عليه بموجة الاغتيالات والتفجيرات التي تورطت فيها الحركات الدينية المتشددة بتفرعاتها منذ بداية تمددها في المنطقة العربية بُعيد تأسيس دول الاستقلال.

هناك أمثلة عديدة لاغتيالات تمت في المنطقة العربية طوال العشريات الماضية تورط فيها التيار الديني المتشدد بداية من مصر مرورا بالجزائر ووصوال الى ليبيا واليمن والعراق في الوقت الحالي. طبيعة هذه الاغتيالات انها تحمل طابع القداسة الدينية على عكس الاغتيالات السياسية الظرفية التي ترتبط بمصالح سياسية وذاتية.

من الصعب توقع نهاية الاغتيالات ذات الطابع الديني في بلد ما مادامت هذه التيارات مستمرة الوجود والنشاط وما دام التحريض الديني على منابر المساجد باسم الحق في التحدث في الشأن العام مباحا. 

لم يكن من المفاجأة ان تتكرر عمليات الاغتيال باسم المقدس الديني بعد اغتيال شكري بالعيد لنتابع فيما بعد عملية اغتيال محمد البراهمي يوم عيد الجمهورية في تونس. بنفس المنطق يتوقع ان تقع عمليات أخرى ـ لا نتمناها ـ  على الرغم من كل جهود القوى الامنية للسيطرة على الظاهرة. سؤال : من التالي؟ سؤال يراودنا جميعا لكن مسكوت عنه .

كان يوم 6 فيفري عنوانا بارزا لانطلاق مرحلة الاغتيالات الدينية التي لا ندري مداها ولا حدودها الزمانية. نفس التاريخ شكل نهاية لمرحلة سبقته وهو نهاية تونس المسالمة التي تدير اختلافاتها بالثورة السلمية وبالقول والرأي فقط. من الواضح انه بالنسبة للبعض هناك اساليب اخرى لادارة "التدافع" الاجتماعي والسياسي تلخصت في الدماء التي خضب بها مقعد شكري بالعيد.

المشكلة في ما حدث في هذا اليوم الاسود ان اسبابه وظروفه مازالت قائمة الى حد اليوم ولهذا السبب فان الحدث مرشح لان يتكرر مالم يقع اجتثاث ما يؤدي الى عقلية الاغتيال من الجذور.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.