خالد شوكات يكتب لحقائق أون لاين: معالم نداء تونس في ولادته الجديدة

قال الصديق برهان بسيس في توصيفه المشروع الذي انخرطنا فيه منذ أسابيع، " إن نداء تونس يولد من جديد"، وتلك سنن الحياة ومتطلباتها، فالكائنات الحية التي تتطلع إلى الاستمرار والاستدامة تولد فعلا كل مرة من جديد، وهي مخيبة لآمال خصومها الذين تمنوا موتها وقالوا بنهايتها دائما، إذ تفاجئهم بقدرتها على تجديد نفسها ومسايرة زمانها وإعادة بناء أطروحاتها بما يستجيب لشروط الواقع الجديد وبما يحقق انتظارات الناس منها، وهنا معالم حركة نداء تونس الجديدة اثر هذا المخاض الذي أخذ ما يزيد عن العامين:

أولا: قيادة حزبية أكثر انسجاما وتضامنا، والقيادة هي أول أدوات العمل، فخصائص القيادة التي كانت مطلوبة أيام الصراع مع الترويكا، ليست هي التي يجب أن تتوفر اليوم، والقيادة التي يمكن أن يديرها الرئيس المؤسس، ليست هي القيادة التي يمكن أن تشتغل بالاعتماد على نفسها، وإذا كان تنوع التنافر والصراع ممكنا أيام الزعيم المؤسس ذو الكاريزما الاستثنائية، فإن التنوع المطلوب اليوم هو تنوع الانسجام والتضامن والقدرة على العمل المشترك.

ففريق أكثر تجانسا يمكن أن يتفوق على فريق مليء بالنجوم الغيورين من بعضهم والعاجزين على تمرير الكرة فيما بينهم، بل إن بعضهم قد يعمد إلى تسجيل الكرة في مرماه من باب المكايدة وتوريط أصحابه.

ثانيا: العقيدة الفكرية والسياسية الواضحة، اذ تؤمن القيادة الندائية الجديدة بأن مرحلة الروافد المتعددة بالمعنى الجبهوي الذي كان سائدا، قد ولت وانتهت، وأن متطلبات هذه المرحلة تقتضي الإيمان بأن حركة نداء تونس هي النسخة المعاصرة للحركة الوطنية والإصلاحية التونسية، وتحديدا لتجليها السياسي ممثلا في الحركة الدستورية التي سنحتفل خلال سنوات قليلة بمائويتها.

ومن هنا فإن حركة نداء تونس هي اليوم الممثل الأساسي لتيار الفكر الوطني الجامع المتنوع، في مقابل التيارات الفكرية الأخرى الإسلامية واليسارية والقومية العربية والليبرالية، وبالتالي من يرى نفسه يساريا أو إسلاميا أو قوميا عربيا أو ليبراليا غربيا فإن لديه خيارات انتماء سياسي أخرى متوفرة في الساحة، أما الندائي فهو الوطني الدستوري الذي يرى نفسه مؤتمنا على تراث الحركة الوطنية الدستورية التونسية ومشروعها الحضاري الوطني.

ثالثا: المسؤولية إزاء الخيارات الرئيسيّة الكبرى التي وضعها الرئيس المؤسس الأستاذ الباجي قائد السبسي، وفِي مقدمتها التوافق من أجل استقرار تونس باعتبار ذلك شرط التنمية الأول، والمصالحة الوطنية التي تعني معالجة ملفات الماضي بما يعزز قدرة تونس على مواجهة استحقاقات الحاضر والمستقبل، والديمقراطية بمعنى عدم قابلية بلادنا للعودة الى سالف الأنظمة الفردية التسلطية وضرورة استكمال مسار الانتقال الديمقراطي وتنفيذ مقتضيات دستور الجمهورية الثانية.

وقد دفعت حركة نداء تونس ثمنا باهضا من أجل المضي في هذه الخيارات باعتبارها خيارات وطنية عقلانية اقتضتها مصلحة بلادنا العليا وكانت المفسر الوحيد لتميز تجربة بلادنا الديمقراطية، التي نالت تقدير محيطنا الإقليمي والدولي في عديد المناسبات وما تزال.

هذه إذاً المعالم الثلاثة الرئيسيّة لحركة نداء تونس في طبعتها الجديدة الراهنة، ولسوف تكون هذه الحركة دائما في خدمة شعبنا، ولسوف تحول ما مرت به من محنة إلى إلى منحة، وإن موعدنا الاستحقاق الانتخابي القادم الذي سينزل كل طرف منزلته التي يستحق بإرادة شعبنا، وإرادة شعبنا فوق كل إرادة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.