المتحف العسكري الوطني “قصر الوردة”: تحفة فنية معمارية.. وآثار ثمينة للتاريخ النضالي المسلح لتونس (صور)

مروى الدريدي-

يتملّكك الفضول منذ أن تطأ قدماك قصر الوردة “المتحف العسكري بمنوبة”، فضول يزداد بمجرد رؤية الدبابات العملاقة والمدافع في مدخل القصر، فتسرع الخطى لسبر أغوار هذه التحفة المعمارية وما تكتنزه من ثروة تاريخية ثقافية كبرى.

قصر الوردة الذي بني خلال فترة حكم الباي حمودة باشا الحسيني، اعتنت به وزارة الدفاع الوطني، وحافظت يد مرمّميه على طابعه المعماري القديم وأبقت على تفاصيل زخارفه وما تمتاز به من فنّ ودقة في التصميم، حتى صار على ماهو عليه اليوم بعد 7 سنوات من الترميم.

يحتوي قصر الوردة على 23000 قطعة تحدث عنها، المقدم سمير الشامي محافظ المتحف العسكري الوطني، بكل فخر وحماسة، والمتمثلة في معروضات من أسلحة وخرائط وصور ووثائق وأزياء عسكرية من مختلف العصور، وتتوزع طبقا لتسلسل مختلف المراحل التاريخية (الفترة القديمة والوسيطة والحديثة والمعاصرة) وصولا الى ثورة سنة 2011.

وأنت تنتقل بين قاعات القصر تشدّ انتباهك زخارفه المنقوشة بدقة عالية في تماه كبير مع جدرانه الموشّحة بآثار قرطاج الرومانية والأسلحة والمخطوطات التاريخية والأسلحة التي شارك بها الجيش التونسي في مختلف فترات نضاله قبل وزمن الاستعمار الفرنسي، واللّوحات الزيتيّة والوثائق التي تترجم إرادة البايات الحسينيين في الاستقلال عن الباب العالي والتصرف في شؤون البلاد.

وخصص القائمون على القصر قاعة للمقاومة الوطنية المسلحة ضدّ الاحتلال الفرنسي، ردّت الاعتبار لما أسمتهم فرنسا “الفلاقة” أي الخارجين عن القانون، هم ليسوا فلاقة كما تحدث عنهم بفخر المقدم سمير الشامي، بل المقاومين والمناضلين والشرفاء الذين فدوا الوطن وأقضوا مضاجع المستعمر الفرنسي، وخُصّصت لهم أجمل قاعات القصر تخليدا لذكراهم ولدورهم البطولي في استقلال البلاد.

ومن أكثر ما يشدّ الانتباه في المتحف العسكري بمنوبة قاعة الأسلحة التي تعدّ من أجمل قاعات القصر وهي تحفة تاريخية وفنية بامتياز بما تضمنته من أسلحة فريدة من نوعها شارك بها الجيش التونسي في حرب القرم سنة 1854 الى سنة 1856 الى جانب التحالف الفرنسي البريطاني ضد روسيا القيصرية، وتم وضع الأسلحة بعناية كبيرة شكلت لوحات فنية وفسيفساء غاية في الابداع.

لا يملّ زائر قصر الوردة من البقاء والتمعن أكثر في ثراء محتواه، فكل سلاح أو زيّ أو لوحة أو صورة تروي حكايات من سبقونا وبطولاتهم وتضحياتهم لتعيش الأجيال اللاحقة، فتغادره والفضول الذي يتملكك منذ البداية قد ازداد ويحثك على زيارته من جديد، لأن الكمّ الهائل من مجموعاته الثرية التي لا تقدر بثمن، تحدث شعور الفخر والاعتزاز بتاريخ تونس الثري منذ القديم.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.