“وثيقة قرطاج” .. طريق قصير نحو خزائن الأرشيف

يسري اللواتي-

 

تتخبط "وثيقة قرطاج" منذ أشهر على وقع "طعنات" متتالية من قبل عدد من الأحزاب التي دعمتها منذ أكثر من سنة، قد تجرّها في وقت غير بعيد الى خزائن التاريخ ، وذلك لنفاذ صلاحيتها السياسية وعدم قدرتها على ضمان استمرارية حكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت عنها منذ سنة 2016.

كان انسحاب حزبي آفاق تونس ومشروع تونس من وثيقة قرطاج بعد ان سبقهما الحزب الجمهوري، بمثابة ناقوس الخطر الذي يهدد استمراريتها باعتبارها كانت حمالة لشعار "الوحدة الوطنية"، اي من الواجب ان تضم أحزابا من الحكم والمعارضة، وهو ما تفتقر اليه الوثيقة في الوقت الحالي، بالنظر الى ان الحزبين الأكثر تمثيلا فيها هما النهضة والنداء .

الاكيد ان الأحزاب التي أعلنت انسحابها كانت تمثل الكتلة الثانية من الميزان اي ما يضمن تعددية حزبية داخل الجسم الواحد ، خاصة وان جلها اقرب في عدة مواقف الى المعارضة منها الى احزاب الحكم. تباعا فان هذا الخروج سيجعل حزبي النهضة والنداء الأكثر تمثيلا في الحكومة والبرلمان، في طريق ممهد وسهل نحو "التغول" على المشهد السياسي عامة، وهو ما سترفضه على الاقل المنظمات الاجتماعية المشاركة في وثيقة قرطاج وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، الطرف الاجتماعي الأكثر تأثيرا.

لذلك فان التوازنات السياسية القادمة، يبدو وانها تقترب من هذا السيناريو المحتمل جدا، خاصة وان الاجتماعات القادمة سيؤثثها حزبا النهضة والنداء وبعض الأحزاب الاخرى "التابعة"، في غياب لافت لاحزاب المعارضة ولعل أهمها حركة مشروع تونس وحركة الشعب والجمهوري وآفاق تونس.

ليس بخفي ان الحكومة التي انبثقت عن وثيقة قرطاج، ليُطلق عليها فيما بعد "حكومة الوحدة الوطنية"، استمدت البعض من مشروعيتها من مشاركة احزاب معارضة فيها وهو ما خلق نوعا من التوازن، كان سببا في تواصل عملها الى حد اللحظة، لكن بعد موجة الانسحابات الاخيرة قد يصبح تواصل هذه الحكومة في مرمى سهام المعارضة وربما اتحاد الشغل الذي لن يقبل بهيمنة النداء.

ومما يجعل فرضية اصطدام هذة الحكومة ووثيقة قرطاج على حد السواء بمصاعب في القريب، تزامن هذا التوتر السياسي مع الاحتجاجات التي كابدت الحكومة لتطويقها، منذ ايام قليلة فقط، وبالرغم من ذلك فان اغلب التقديرات تشير الى انعدام ثقة وامل من المواطنين في هذه الحكومة، ما يجعل الشارع مستعدا لأي تحرك آخر بغض النظر عن دوافعه واهدافه .

وفي العموم، حتى وان كسبت الحكومة دعم وتأييد حزبي النهضة ونداء تونس للحفاظ على استمراريتها من جهة وتمرير القوانين في البرلمان من جهة اخرى ، فان استقواء ووحدة الأطراف المعارضة التي تبدو حاليا قي صف واحد رغم الاختلافات، يمثل رقما صعبا قد لا تستطيع الحكومة والوثيقة مواجهته للحفاظ على ديمومتهما.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.