فيلم “شرش”: جرأة صادمة في الطرح.. ومشهدية فريدة في جمع العوالم المتوازية

دنيا الزغيدي –

شارك وليد مطّار بفيلمه الطويل الأول “شرش” في مهرجانات دولية عديدة وأحرز له ثلاث جوائز في الدورة الأخيرة من أيام قرطاج السينمائية، جائزة أفضل سيناريو وجائزة العمل الأول “الطاهر شريعة” في مسابقة الأفلام الطويلة وجائزة قناة “TV5 monde”.

وقد انطلق عرض الفيلم بمختلف قاعات السينما التونسية يوم 10 جانفي 2018.

عوالم متوازية…

وليد مطّار لمن لا يعرفه مخرج متفرد عاشق للسينما حد تركه لعمله كمهندس صناعي للحاق بحلم الاخراج السينمائي، ومن أشهر أفلامه القصيرة “المدرعة عبد الكريم” و”تنديد” و”بابا نوال” وفيلم وثائقي “أولاد الفكرونة” والتي أحدثت صدى ايجابيا في صفوف السينيمائين الشباب منهم والهواة ومحبي الفن السابع عموما.

وأنت تشاهد فيلم “شرش” تنساب أمامك قصة تجمع تونس بفرنسا في توازٍ لحياة عائلتي كل من هيرفي (دور جسده الممثل الفرنسي فيليب ريبو) عامل مصنع جلد في مدينة ساحلية بشمال فرنسا، أغلق أبوابه لينقل نشاطه إلى تونس، ويجد هيرفي نفسه مجبرا وهو في خريف العمر على البحث عن مورد رزق جديد، وفؤاد (دور جسده الممثل ومغني الراب محمد أمين حمزاوي) أحد العاملين بمصنع الجلد باحدى الضواحي الجنوبية للعاصمة شاب يعاند الظروف الاقتصادية القاسية وواقع التشغيل الهش ليعيل أمه المريضة فتعتصره دوامة الحياة لتقضي على اماله في انجاح قصة حب وليدة.

توازي بين شخصيتين لا تلتقيان أبدا إلا في مشهد وقفت فيه حركة السير بالعاصمة تونس لتلتقي فيه نظرات البطلين أحدهما يركب حافلة سياح والثاني قطارا…

مشهدية فريدة

فيلم “شرش” ينقل صورة لوجهين وإن اختلفا في الشكل فانهما تلاقيا في التجربة، الأول لفرنسا المتغنّية بحقوق الانسان وتوفير الحماية الاجتماعية لمواطنيها وتمكينهم من حدّ أدنى من الدخل يقيهم الحاجة أمام مرآة واقع تحكمه قوانين وأخلاقيات تجعل الخروج عنه أمرا أشبه بالزقزق على حقل ألغام، والثاني لتونس ما بعد الثورة أين تعاقبت وعود الحكومات بتحسين ظروف الشباب وفتح آفاق تشغيلية لهم ليصطدم الشباب باستمرار الوضع على حاله ويعم اليأس وتندثر أحلامهم بواقع أفضل.

مشهدية ختامية أرادها المخرج وليد مطّار معبرة عن انسداد الآفاق وضيق الخيارات التي توفرها الدولة لتتساوى قلة الحيلة عند الشابين على اختلاف عالميهما، فؤاد الشاب التونسي ابن الحي الشعبي استعمل حبيبته (دور جسدته الممثلة عبير البناني) لتراود عون الديوانة ليسمح لفؤاد بالهروب على متن احدى شاحنات الجلد المتجهة لفرنسا، وابن هيرفي عامل مصنع الجلد المطرود الذي لم يجد بديلا من التوجه للانتماء للجيش الفرنسي بعد منع الحكومة الفرنسية لهم من استكمال العمل في مشروعهم الصغير لاعتبارات اجرائية.

هكذا جاء فيلم “شرش” فريدا في تناوله جريئا في طرحه واقعيا حد المحاكاة ليكون مرآة عاكسة لفشل الانظمة الجديدة المتبعة في دول العالم الثالث كما في الدول المتقدمة امتحنت فيه النظريات السياسية التي يحاول السياسيون إقناع الرأي العام بنجاعتها، طارحا لنظام جديد يثوّر ما قبله ويقدّس فيه الانسان على أنه الثروة الحقيقية لأي مجتمع وفيه وجب الاستثمار في قالب ساخر استعمل فيه المخرج بإتقان “الكوميديا السوداء”.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.