عبد الكريم الهاروني: لا يجب أن نمارس الفساد باسم الحرب على الفساد.. والنهضة لن تقبل مقترحات تتعارض مع تعاليم الإسلام (حوار)

حاورته: جواهر المساكني-

كغيرها من الأحزاب من السياسية تعكف حركة النهضة على الاستعداد لخوض سباق الانتخابات البلدية فاتحة أبوابها للشخصيات المستقلة للانضمام الى قائماتها الانتخابية دون أن تتغافل عن دورها الحكومي وعن معارضة المقترحات التي تعتبرها مخالفة لتعاليم الاسلام.

رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني أقر بوجود صعوبات في تشكيل قائمات الحركة في الانتخابات البلدية وأبرز موقف النهضة من القانون الانتخابي واعتباره غير مناسب ولاسيما في ما يتعلق بتمويل الأحزاب.

وبالتزامن مع استعدادها للانتخابات البلدية تتنقد حركة النهضة تعامل الحكومة مع عدة ملفات أبرزها رئيس مجلس شورى حركة النهضة في الحوار التالي مع حـقائق أون لاين: 

 * ماهي آخر استعدادات حركة النهضة للانتخابات البلدية؟

6 ماي موعد تاريخي في الانتقال الديمقراطي التونسي والمسيرة السياسية لتونس المعاصرة بما أن الانتخابات البلدية وخاصة الانتقال الى الحكم المحلي هي ثورة داخل الحكم في تونس، ونحن متجهون الى التحرر من الحكم المركزي وخاصة الحكم الفردي وهي فرصة للجهات والمواطنين للاقتراب من السلطة والنهضة تستعد لهذا الحدث الوطني على مستوى القائمات وهناك صعوبات تعرّضنا لها في تشكيل القائمات فرضها القانون الانتخابي، ولكن الحركة حريصة على التقدم في 350 دائرة ونحن منكبون الآن على اعداد البرنامج الانتخابي للحركة ونرى أن هناك نقاطا مشتركة بين كل البلديات في كلّ الجهات تتعلق بالتشغيل والبيئة والصحة والخدمات وكل مجالات الحياة ولكن هناك أيضا برامج ستكون خاصّة بكل دائرة انتخابية حسب ظروفها ومشاغل مواطنيها وستوفق الحركة بين البرنامج الوطني باسم النهضة بكل الدوائر وبرنامج كل دائرة انتخابية محلية ينسجم مع وضعيتها الخاصة وأولوياتها.

النهضة حريصة على توفير مناخ للبلاد يساعد على نجاح الانتخابات، نحن اخترنا الديمقراطية في تونس واخترنا التوافق بين المختلفين وليس الاقصاء و كلما اقترب موعد الانتخابات نسعى الى الاقتراب للمنافسة الشريفة والمتحضرة بين الأحزاب والقائمات والابتعاد عن كل ما من شأنه دفع البلاد الى خطاب التقسيم والعنف لتعزيز الثقة في الانتقال الديمقراطي.

*صرحتم أن قائماتكم الانتخابية تضم مستقلّين، فهل ستفسحون لهم المجال لترؤس هذه  القائمات ؟

طبعا، نحن وحسب قرار المؤتمر العاشر لحركة النهضة اخترنا الانفتاح على المواطنين والكفاءات وفتحنا قائماتنا بالتناصف الى الكفاءات المستقلة، فالنهضة ليست حزبا ضعيفا يبحث عن تعزيز قائماته بالمستقلين أو تبحث عن تزيين القائمات فقط بالمستقلين، نحن نحترم الكفاءات المستقلة لذلك كان الانفتاح بالتناصف بين أعضاء الحزب وبين الكفاءات المستقلة، وكذلك سيكون الكثير من المستقلين على رأس قائمات النهضة من الرجال والنساء، ونحن مرتاحون لما سجلناه من اقبال كبير منهم على قائمات النهضة.

  • وهل فتحتم الباب لكل المستقلين بما فيهم رموز النظام السابق ؟

النظام السابق سقط بالثورة وانتهى، ولكن قبل الثورة كان هناك اشخاص أكفاء موجودين في الادارة والمجتمع، وبما انهم اليوم انخرطوا في الثورة والتزموا بالدستور ويشاركون في بناء الديمقراطية ومستعدون لخدمة البلاد فمرحبا بهم، ولكن على سبيل المثال اذا ما كان شخص قبل الثورة يقاوم الاستبداد ولكن بعد الثورة انحرف وتورط في الفساد والاستبداد فلا يشفع له انه كان يوما من المناضلين، وفي النهضة نحاسب الاشخاص على نظافة أياديهم وكفاءتهم ومدى استعدادهم للانخراط في الثورة والديمقراطية واحترام الدستور وكل من يسير في هذا الاتجاه مرحب به وهو مكسب للثورة ومن يريد العودة للاستبداد والفساد وتعطيل الديمقراطية نتصدى له بالقانون وهو مقياس النهضة في الاختيار،  لذلك هناك العديد من الكفاءات التونسية بادرت بالمشاركة بناءا على النزاهة والكفاءة قبل كل شيء، اذ لا يمكن ان نصدق ما تمّ الترويج له سابقا بأن عن حزب التجمع يصل عدد منخرطيه الى مليونين و500 ألف، واذا كنّا سنقوم باقصاء هذا العدد من الحياة السياسية والعامة تصبح مظلمة تبتعد بنا عن تحقيق اهداف الثورة، ولكن نحن نميّز ولا نقبل الاشخاص المتورطين في الجرائم سواء كانت جرائم حقوق الانسان أو جرائم فساد.

*كم خصصت النهضة لتمويل الانتخابات البلدية ؟

هناك قانون انتخابي يحدّد سقف تمويل الحملة الانتخابية ونحن ملتزمون بالقانون الانتخابي، ولكن بالمناسبة نحن نحتاج إلى تطوير القوانين سواء كانت قوانين انتخابية أو قانون الأحزاب للتشجيع على بناء أحزاب قوية، لأنه على سبيل المثال هناك تضييق في القانون الذي ينظم تمويل الأحزاب من أسبابه أن 210 موجودون على ورق ولكن الواقع مغاير لذلك، ونحن ندعو إلى تطوير قوانين تساعد على تكوين أحزاب قوية بما في ذلك تطوير الأحزاب في إطار الشفافية واحترام القانون واستقلال القرار الوطني، وكذلك في الحملات الانتخابية نحتاج الى توفير اكثر فرص في الحملة الانتخابية بالنسبة للزمن والامكانيات للتواصل مع المواطنين لتقديم برامج مقنعة وترفع نسب المشاركة لتطوير الحياة السياسية.

وعموما عندما يقترب الموعد الانتخابي سنقوم باحتساب المبلغ المالي الذّي تلتزم به النهضة في إدارة حملتها الانتخابية والقائمات حسب القانون والرقم سيكون معلوما لدى هيئة الانتخابات ومحدد لكل القائمات ونحن ملتزمون بالقانون.

*مؤخرا، أعلنت الحركة الترفيع في معلوم الانخراط السنوي ،فما السبب ؟ هل يعود لتضييقات على التّمويل الخارجي للحركة ؟

المصدر الرئيسي لتمويل النهضة معلوم وهو انخراطات ابنائها وهذا العدد يزيد وينقص، ولكن نجزم ان عدد منخرطي الحركة شيء وقاعدتها الانتخابية شيء آخر وأوسع بكثير، وعموما في تونس لا يوجد أي حزب يفوق عدد منخرطيه الـ100 ألف شخص، والرسالة من الترفيع الأخير في معلوم الانخراط هي ان النهضة تعتمد على انخراطات ابنائها وتبرعات مناضليها بالأساس وان تمويل الحزب يأتي من الموارد التي يحددها قانون الاحزاب والذي يمنع التمويل الخارجي، ونحن كحركة مستقلة القرار والتنظيم والتمويل ندعو الدولة التونسية للتشدّد مع أي حزب لديه شبهة تمويل من الخارج لأن التمويل الخارجي يعني أن القرار لم يعد وطنيا ونحن لا نقبل ان يكون من السياسيين من هم عملاء للخارج .

*بعض الجمعيات،  على غرار جمعية”فورزا تونس”، طالبت  النهضة بكشف مصادر تمويلها  وكيفية توظيف الأموال، فكيف كان ردكم؟

الوقفة الاحتجاجية للجمعية المذكورة حضرها 4 أشخاص تقريبا للفت الانتباه الى موضوع تمويل الأحزاب وقد وقع التحاور معهم بمقر الحركة  واقناعهم بالبراهين، وعموما نحن في مجلس شورى حركة النهضة ندرس خطّة الحركة وميزانيتها على مدى سنة وقد تمت المصادقة على ميزانية الحركة في 2017 وقدّمنا للرأي العام الرّقم، كما سيتم في مجلس شورى الحركة في 2018 المصادقة على خطة الحركة لـ2018 وميزانيتها وعند المصادقة عليها سيتم الاعلان عنها للعلن كذلك وستكون ميزانية مناسبة لحزب كبير مثل النهضة ولكن تدلّ كذلك على أن الاحزاب لديها ضغوطات في التمويل ونحتاج الى تطوير القانون لتيسير التمويل لتصبح الأحزاب قوية وقادرة على النشاط.

من ناحية أخرى، النهضة كما هو معلوم لدى الجميع لديها تقارير مالية تعرض على المؤتمر ومجلس الشورى وعلى أجهزة الدولة، والتمويل الشفاف مهم لكسب الثقة في الاحزاب وكلّما اقترب الموعد الانتخابي أكثر يجب الحرص على الشفافية أكثر.

*أحزاب المعارضة  حذّرت من دخول المال الفاسد في الانتخابات القادمة ولمّحت الى أن تمويل حركتكم غير شفاف، فكيف يمكنكم نفي هذا الرأي؟

المال الفاسد من شأنه ايصال أحزاب موجودة في السلطة أو في المعارضة لأنه يسعى لشراء الأحزاب إن كانت صغيرة أو كبيرة، ونحن بقطع النظر عن حجم الأحزاب فهذه المسألة مبدئية اذ أن التمويل يجب أن يكون شفافا وسليما وحزب متطوع لخدمة الرأي العام والشأن العام ويقترح اجراءات لاصلاح الوضع يجب ان ينطلق من نفسه قبل كلّ شيء، وليس من الممكن ان حزبا به شبهة فساد يقدّم نفسه لاصلاح البلاد، لذلك يجب على الدولة وأجهزتها ان تقوم بمراقبة شديدة لأي شبهة من شأنها ان تسمح بدخول المال الفاسد في الحياة السياسية، لأن الشك في الاحزاب ينتقل الى شك في مصداقية مؤسسات الدولة والخطورة تتجاوز الحياة السياسية الى الدولة نفسها، اذ أن بناء دولة على مكافحة الفساد والعدل والكفاءة تنطلق أولا من الأحزاب.

* كيف تقرؤون قرار البرلمان الأوروبي  بتصنيف تونس معرّضة لغسيل الأموال وتمويل الارهاب؟

التصنيف كان قرارا مفاجئا وصدم جميع التونسيين، اذ كنا مانزال مستبشرين بالخروج من القائمة السوداء الاولى التي وقعنا فيها لخطأ وقع تصحيحه، لنتفاجأ بقرار جديد بهذا الحجم والتفاجؤ دليل على أن واقع تونس بعيد كل البعد عن التصنيف، ويجب التأكيد على أن القرار ليس قرار الاتحاد الاوروبي الذي يعتبر شريكا استراتيجيا لتونس ويدعم التجربة التونسية ونحن ندعو الحكومة للتعاطي  مع تصنيف الاتحاد الأوروبي بجدية، اذا وجدت نقائص تقوم بعلاجها في اقرب وقت ممكن على أمل الخروج من هذه الوضعية و لا مجال للشك بأن تونس في طليعة الدول التي تقاوم الإرهاب  وتونس بها فكر اسلامي معتدل وآخر الشهادات في ذلك ما عبّر عنه الرئيس الفرنسي خلال زيارته لتونس وإلقاؤه كلمة في البرلمان من إعجابه بالتجربة التونسية كديمقراطية عربية أولى وكتعايش بين الإسلام والديمقراطية، ومن غير الممكن بعد كل هذه النجاحات تصنيف بلادنا ضمن هذه القائمة السوداء، وهو ما يتطلب منا كحكومة تحركا عاجلا من أجل تصحيح الصورة ولكن في نفس الوقت يجب مراجعة أوضاعنا لكي لا يحصل تقصير في التعريف بالتجربة التونسية والدّفاع عن مصالحها في الدبلوماسية الاقتصادية.

*فور الإعلان عن التصنيف،  اتهامات عديدة وجّهت للنهضة بالتسبب في هذا التصنيف على غرار تصريح منذر بالحاج علي بان الأموال المبيضة والمشبوهة دخلت تونس عن طريق حركتكم، كيف تردون؟

هناك أشخاص محترفون في تشويه حركة النهضة ومرتزقة مكلفون بذلك وهناك حاقدون أعماهم الحقد على رؤية الحقيقة في التعامل مع النهضة كما يوجد من هو عاجز على المنافسة والواجهة ببرامج وصندوق الاقتراع فيلتجئ إلى التشويه، هذه التصريحات إطارها الوحيد تشويه الحركة والنهضة في حالات معينة من الاتهامات ستلتجئ للقضاء لمحاسبة من تصور نفسه بأنه فوق القانون ويتحمل مسؤولية تصريحاته، فمصداقية النهضة أو الأحزاب لا يمكن التساهل معها ، ولا يمكن التساهل مع تصريحات غير مسؤولة.

*كنت قد صرّحت بامكانية خروج النهضة من الحكومة، فهل لازال الأمر مطروحا ؟

عندما أعلنا امكانية خروج النهضة من الحكومة أردنا توضيح أن وجود الحركة في السلطة ليس غاية بحد ذاته ولا بأي ثمن، بل انه تقدير لمصلحة البلاد، لو كانت النهضة تعتبر وجودها في المعارضة بعد انتخابات 2014 فيه مصلحة للبلاد لكانت اختارت المعارضة، لكن هي اختارت أن تكون في السلطة لدعم خيار الوفاق والشراكة في المرحلة الانتقالية، ونحن نعمل في حكومة وحدة وطنية على قاعدة وثيقة قرطاج حسب أسس وأولويات على رأسها مكافحة الفساد والانتصار على الارهاب ورفع التحدي الاقتصادي والاجتماعي  ومادامت هذه الشروط متوفّرة تبقى النهضة في الحكومة وإذا قدّرنا يوما ما أن هذه الأسس غير متوفرة ولن نستطيع الوصول الى أهداف وثيقة قرطاج ننسحب منها ونختار المعارضة.

*هل تعتبر أن تجربة الحكم التوافقي ناجحة؟

هي تجربة حقّقت نجاحات ومكاسب لتونس، ولكن التوافق خيار صعب وله ثمنه ولكن عدم التوافق خيار أصعب وثمنه أكبر على تونس، والشراكة بين الأحزاب والتوافق بينها لا ينفي التنافس ونحن على موعد في الانتخابات البلدية لنثبت ذلك. فمن صوّر بأن التوافق يأتي على حساب التنافس والديمقراطية فهو خاطئ ومن صوّر أن الديمقراطية تتناقض مع التوافق فهو كذلك مخطئ، والنهضة ليست في السلطة من أجل السلطة ولن نكون في المعارضة من أجل المعارضة ولن نكون كذلك جزءا في السلطة وجزءا في المعارضة.

*برأيكم ماهي النقاط السلبية في الحكم التوافقي ؟

الحكم التوافقي يمكنه التأثير على شعبية الأحزاب لأن الأحزاب وقواعدها تميل أكثر للمواقف الحاسمة والواضحة وهو خيار صعب ويؤثر على شعبية الأحزاب ولكن الأحزاب وقياداتها مطالبة باتخاذ قرارات صحيحة وصائبة حتى وإن كانت سببا في فقدانها بعضا من شعبيتها، أما في صورة اتخاذ قرار خاطئ ولو يحقق شعبية أكبر اليوم لكن غدا ثمنه يكون أغلى ويتسبب في فقدان الشعبية والمصداقية، ونحن في حركة النهضة نفضل الخيار الصحيح ولو أنه يكلف خسارة لبعض من الشعبية.

*استنادا للأرقام والمؤشرات الإقتصادية، من الأفضل أداء حكومات الترويكا أم حكومات التوافق؟

كل حكومة تشكلت في ظروف وتحديات وضغوطات معيّنة ولا يمكن المقارنة بين الظروف التي حكمت فيها الترويكا وظروف حكومة الوفاق، موضوعيا وانطلاقا من نسب النمو المسجلة في 2011 حكمت الترويكا البلاد بنسب نمو 1.8 تحت الصفر وهو أمر مفهوم لأن 2011 كانت سنة انفلات وضعف الدولة وبعد سنة فقط أي 2012 ارتفعت هذه النسبة إلى 3.8بالمائة، بعد ذلك وبالرغم من الاضرابات والاعتصامات والاغتيالات في 2013 وصلت النسبة إلى 2.8 بالمائة ، ونحن إلى اليوم في 2018 لم نتمكّن من الرجوع الى هذه النسب.

وحقيقة هناك وضع صعب مرت به البلاد وجعلها في هذه المرحلة ولكن توصلنا إلى تكوين حكومة وحدة وطنية تستند الى وثيقة قرطاج وتستعد لانتخابات 9 ماي وهو دليل على انه رغم كل ما حصل فان الانتقال الديمقراطي في المسار الصحيح  كما انه اقتصاديا بدأت المؤشرات في تحسّن وهو ما يتطلب وقتا والكثير من العمل فعلى السلطة ان تتقدم اكثر في مكافحة الفساد وتراجع الجباية والتعيينات والتخفيف على الفئات الضعيفة والمتوسطة وتركّز الرقابة على من يستفيد من الدّعم والتهرب الجبائي والضريبي والتهريب.

بدأنا في الاصلاحات ولكن كي نصل إلى نتائج ايجابية في وقت وجيز ذلك يتطلب تهدئة واستقرارا سياسيا بعيدا عن الصراعات السياسية الهامشية في قضايا لا تهم التونسيين وتوفير مناخ اجتماعي فيه قدر من الاستقرار وهو يتطلب حوارا مع المنظمات الاجتماعية واتفاقا على الاصلاحات الاقتصادية للمضي فيها قدما وتوزيعا عادلا للتضحيات ومراعاة الفئات الضعيفة والمتوسطة، وقوّة في انجاز المشاريع. اذ هناك مشاريع معطّلة منذ 2012 رغم انها نافعة وميزانيتها مرصودة، ولكن هناك فرصة نجاح حيث مثلما حققنا نجاحا في الانتقال السياسي نحن قادرون اليوم على تحقيق النجاح الاقتصادي. ونحن لاحظنا في الفترة الأخيرة ان هناك أشخاصا يتعمّدون اشعال أسعار  مواد استهلاكية في البلاد بغاية إحداث حالة من التوتر والغضب ضدّ الحكومة، وهي خطّة يقف وراءها أشخاص خطّطوا لها ونفذوها، والنهضة طالبت الحكومة ونحن جزء منها بأن تقوم بضرب المحتكرين والمتهربين من دفع الضرائب وضرب المهرّبين والفاسدين بقوة وكشفهم أمام الرأي العام لطمأنته بأن الحكومة تقوم بمحاربة الفاسدين، والتّقدم أكثر وبدرجة أعلى في هذا الاتجاه وتطبيق القانون على الجميع، اذ هناك أشخاص عندما تصبح لديهم قوّة مالية تصبح لديهم القدرة على التحكّم في الإدارة والحياة السياسية ونخشى آنذاك أن تصبح دولة “مافيات” وإدارة لوبيات، والمعركة في اطار الحرب على الفساد لن تكون هيّنة لأن هؤلاء لديهم مصالح كبيرة وشبكات موسعة وارتباطات بجهات في الخارج.

*في اطار حديثكم عن الفساد، هل من توضيح حول مدى قرب رجل الاعمال المشبوه شفيق جراية من حركة النهضة لاسيما وأن هناك اراء اتهمتكم بالتدخل لاخراجه من السجن؟

مجرد إشاعات هدفها تشويه النهضة، اولا ملف شفيق جراية لدى القضاء في اطار مكافحة الفساد ونحن قلنا لرئيس الحكومة إن اعلان الحرب على الفساد والالتزام امام الشعب التونسي بمقتضى المضي في الحرب إلى الآخير دون انتقاء، فنحن لا نميز بين الفاسدين والمجرمين ولا أحد فوق القانون والحرب على الفساد نخوضها في اطار القانون والدستور.

ولا يجب باسم الحرب على الفساد ان نمارس الفساد ونفتك اموال الناس ونهتك الحرمات أو نعتدي على الحريات، فمكافحة الفساد تكون في اطار الشفافية والعدل كي لا يتهم احد الحكومة بتعرضه الى ظلم او استهداف، وهي معركة مصيرية وصعبة لكن يجب ان تكون في اطار قواعد قانونية واخلاقية واضحة.

*وما تفسيركم لمثول علي العريض أمام القضاء في قضيّة جراية؟

يمثل بصفته شاهدا وهو ما أعلنه القضاء العسكري، ولكن هناك أطراف تريد استهداف النهضة قدّمت هذه الشهادة كأنها دعوة كمتّهم في القضية لمغالطة الرأي العام، اذ ان القضاء لم يستدع فقط العريض بل الحبيب الصيد وآخرين مسؤولين عن الدولة للاستماع لشهاداتهم وهو في اطار عمل القضاء إلا ان  ما تمّ ترويجه هو تشويش على عمل القضاء والرأي العام واستهداف آخر لحركة النهضة.

*بعض قيادات النهضة سبق أن التقت عبد الكريم بلحاج في جرجيس، ما الهدف من لقائه؟

لا أتذكر المناسبة، ولكن أؤكد سياسة النهضة في التعامل مع الوضع الليبي ترتكز على ضابطين اثنين كبيرين، الضابط الاول هو التعامل المنسجم مع سياسة الدولة التونسية والخارجية التونسية التي يقودها رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية ونحن لا نتعامل في ملف العلاقات الخارجية خارج اطار السياسة الرسمية للدولة التونسية، اما الضابط الثاني بالنسبة للوضع في ليبيا فهو اعتبار استقرارها ينعكس بالضرورة على استقرار تونس والحركة تدافع عن أمن تونس وتكافح الارهابيين كان تونسي الجنسية كان أو ليبيا أو من اي جنسية كانت وهي في طليعة القوى المتضررة من الارهاب الذي ضرب تونس فترة حكمها لإسقاط النهضة.

*رفيق عبد السلام حضر مؤتمرا في قطر وجالس شخصية سياسية اسرائيلية، هل تم فتح تحقيق داخلي في شأنه؟

طبعا هناك داخل النهضة تساؤل لمحاولة فهم هذا الأمر ولا يوجد أي حرج، ولكن موقف حركة النهضة كموقف الشعب التونسي ضدّ الاحتلال الصهيوني ومع القضية الفلسطينية العادلة من أجل الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وهو محلّ اتفاق في تونس وليس محل مزايدة ولا يجب الوصول للتشكيك وتقسيم الاشخاص في تونس بين هذا مناصر للقضية الفلسطينية وهذا ضدها، أو هذا مع الارهاب و هذا ضده او هذا مع الاسلام و هذا ضدّه ، فهذه قضايا تمثل قاسما مشتركا بين التونسيين، وليس لنا كحركة النهضة أو كدولة علاقة مع الصهاينة ونحن ندعم الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة.

في البرلمان حين تمت مناقشة مشاركة النواب في الاجتماعات والمحافل الدولية والاجتماعية المهمّة التي يحضر فيها الصهاينة أو الانسحاب منها، اختار النواب الحضور لأن الانسحاب يخدم العدو الصهيوني الذي يكون حاضرا مدافعا عن نفسه في حين نكون غائبين ولكن لا نتعامل مع هؤلاء، ورفيق عبد السلام أو أي نائب عن حركة النهضة لا يتعامل مع الصهاينة ومع كل من يمثلون الكيان الصهيوني وفي نفس الوقت نحن حريصون على الحضور في المحافل الدولية للدفاع عن القضايا العادلة والتصدي للكيان الصهيوني، لأن الانسحاب والاكتفاء بالشعارات لا يخدم القضية الفلسطينية.

* بعد إعلانكم عن فصل الدين عن السياسة، ما موقفكم اليوم في مقترحات حليفكم كالمساواة في الميراث والزواج بغير المسلم؟

عندما عبّر رئيس الجمهورية على مثل هذه الأفكار في تصريحه تطرق الى اشياء مهمّة كقوله بان الشعب التونسي مسلم ولا يجب التصادم مع مشاعر الشعب ونحن ملتزمون بتعاليم الاسلام نصا وروحا، وهذا هو الإطار الذي نجتهد في داخله أما الخروج عن هذا الاطار بما يتعارض مع الدستور وتعاليم الاسلام وبالنسبة للنهضة لا يمكن قبوله وكذلك المجتمع التونسي لا يقبله.

وتشكيل لجنة الحقوق والحريات دليل على انها مجرد مقترحات وأفكار طرحت ودور اللجنة البحث فيها ودراستها ولم يتم الى اليوم  تقديم أي مشاريع قوانين أو قرارات واضحة حتى نتعامل معها أو نعلن موقفنا، ونحن قمنا بالتّحفظ على تركيبة هذه اللجنة وعلى عدم مشاركة أهل الذّكر فيها لأن مواضيع بمثل هذه الخطورة تستهدف العائلة والمجتمع وهي قضايا يجب توزيع الحوار فيها بمشاركة أهل الذكر. و نحن لا نريد استباق الأحداث بما انه لم يصدر تقرير اللجنة بعد وفي كل الحالات نحن دولة مؤسسات ولنا برلمان يناقش القوانين ولا يمر منها الا ما هو منسجم مع الدستور وثوابته بما في ذلك تعاليم الاسلام.

* التنصت على الصحفيين هل يعيدنا الى مربع الدكتاتورية؟

لا أتصور ان هناك سياسة لدى الحكومة او وزارة الداخلية للتنصت على الصحفيين، ولكن اذا حصلت تجاوزات أو أخطاء يجب ان تعالج بسرعة للإبقاء على العلاقة بين الصحفيين ولإدارة والحكومة ووزارة الداخلية، وعلى علاقة تليق بالديمقراطية التونسية والثورة واحترام حرية الاعلام وتوفير مصادر المعلومات للاعلاميين، ومن مصلحة الحكومة ووزارة الداخلية ان يكون الاعلام حرا لأننا عايشنا قبل الثورة نتيجة ان لا يكون الاعلام حرا، ونحن لا نخاف من الاعلام الحر بل انه من أهم مكاسب الثورة وان حصل تجاوز من أي طرف هناك قانون ومؤسسات في البلاد.

*هل من الممكن أن تتقدم النهضة بطلب مساءلة وزير الداخلية في هذه المسألة؟

نحن نفضّل أن يعالج الموضوع بين الحكومة والصحفيين ولنا أمل بايجاد حل بالحوار دون مزيد تعقيد الأوضاع.

*هل سيترشّح راشد الغنوشي للانتخابات الرئاسية ؟

وجّهنا دعوة للجميع ونحن أولى بهذه الدّعوة ان الحديث عن الانتخابات الرئيسية والحملة الانتخابية سابق لأوانه، والنهضة بقيادة راشد الغنوشي أولويتها نجاح الوحدة الوطنية في رفع التحدي الاقتصادي والاجتماعي والحرب على الفساد والانتصار على الارهاب وانجاح الانتخابات البلدية و بعد انجاح هذه الاستحقاقات وفي 2019 النهضة تدرس الوضع و تقدّره في مجلس الشورى والمكتب التنفيذي وتقدّر الصيغة الأفضل لخدمة البلاد والمشاركة في هذه الانتخابات بما يخدم البلاد.

*هل تتخوفون من ترشح قيس سعيد للانتخابات ؟

النهضة لا تتعامل مع المنافسين بمنطلق الخوف، فالحركة لم تخف من الاستبداد قبل الثورة ولم تخف من الحكم في ظروف صعبة بعد الثورة فهي لا تخاف من اي مرشح بل نحن نحترم كل المنافسين وتقدّر مصلحة البلاد ونحن لا نحدد موقفنا ضدّ شخصية أو حزب معين.

*لماذا غابت النهضة عن موكب الرئيس الفرنسي ماكرون ؟

يجب التأكيد على ان زيارة ماكرون لتونس حدث مهم وايجابي والنهضة واكبت الزيارة حسب البرنامج المتفق عليه، والمهم انه اعلن في مجلس نواب الشعب دعم فرنسا للتجربة الديمقراطية التونسية والاعجاب بنجاح تونس في التعايش بين الاسلام والديمقراطية وهذا يعني كذلك اعجابه بدور النهضة وهي رسالة لمن لا يزال بصدد نشر خطاب الاقصاء ضد الحركة أو محاولة اتهامها بالارهاب وأن كل ما قيل في هذا الاطار لا اساس له من الصحة.

* مؤخرا توترت العلاقة بين تونس والامارات، برأيكم ما مرد هذا التوتر؟

لا توجد أزمة علاقات بين البلدين ولم يصل الامر الى أزمة ديبلوماسية او أزمة في العلاقات بين الدّولتين، وما حصل هو اشكال يتعلق بالتعامل مع المرأة التونسية وهو اشكال خطير لأننا في تونس نحترم المرأة ولا نقبل بتاتا اهانتها وفيه استفزاز للدولة والشعب التونسي لذلك كان الرد التونسي قويا دون ان نصل الى اعتبار الامارات دولة معادية او ندخل في أزمة دبلوماسية معها، لذلك نحن طالبنا الاطراف الاماراتية التي اتخذت القرار بالاعتذار، ومازلنا ننتظر اعتذارهم.

نحن سياستنا واضحة حتى وان اختلفت دول عربية فيما بينها نحن لا ننحاز لأي طرف بل ندعو للحوار لان الوضع العربي الآن بلغ درجة من التردي والخطورة جعل الكيان الصهيوني يستفيد من الوضع وترامب يتجرأ ويعلن قرار تجاه القدس .

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.