عبد الجليل التميمي يكتب لحقائق أون لاين: زيارة أردوغان لتونس والمواقف البائسة لبعض القيادات السياسية

عبد الجليل التميمي

 زيارة السيد رجب طيب أردوغان لتونس هذه الأيام، كشفت المستور وبينت مدى عبث بعض الأحزاب التونسية تماما بالمعطيات التاريخية الثابتة لبلادنا، وكم هو مؤسف حقا أن يسمح إعلامنا لهذه القيادات السياسية بتناول ملفات تاريخية معينة ودقيقة بهذا الأسلوب المبتذل حقا وغير الأمين مطلقا، ويتم التنديد بزيارة السيد أردوغان لبلادنا إلى درجة الإحتقان والرفض.

أنا لست في موقف المدافع عنه، ولكن بحكم تخصصنا في التاريخ العثماني والتركي منذ أكثر من 40 سنة ونشرنا لمئات الدراسات الأكاديمية وتأطيرنا لتاريخية العلاقات العربية-التركية, وهذا إلى درجة أن رئيس الجمهورية التركي الأسبق في مؤتمر عقد بأنقرة وكنت حاضرا فيه، ذكّر بأن ما أنجزته مؤسستنا لدراسة العلاقات العربية التركية ليس فخرا لتونس فقط, ولكن أيضا لتركيا، على أساس أن مبادراتنا العلمية عالجت طبيعة هذه العلاقات العربية-التركية وخصوصا العلاقات التونسية العثمانية والتركية، والتي سعينا من خلالها إلى إضفاء الطابع الأكاديمي عليها بعيدا عن الغوغاء والشعارات السياسوية.

وأنا أدعو هؤلاء المتطفلين أن يطلعوا على هذه الكتابات قبل أن يتفوهوا بتلك الأفكار البائسة، مع العلم أننا نشرنا أكثر من ألفي دراسة علمية بالعربية والفرنسية والإنجليزية، وأنا أتوجه إلى أحد الأحزاب السياسية التي تميزت بمعارضة بائسة لزيارة أردوغان، وكذا نقابة الصحفيين وبعض الأقلام الصحفية النكرة، إذ لا حق لهم للتعتيم على هذا التاريخ, وكم هو مؤسف حقا أيضا أن يتجاهل الإعلام التونسي الدور الذي يؤديه المؤرخون النزهاء والعاملون في بناء علاقات مستقبلية مع تركيا، هذه الدولة التي صفت ديونها وأقرضت البنك الدولي ووضعت بلادها في مساق الدول 18 ولها اكتفاء غذائي منذ أربعين سنة. صحيح أننا غير مؤيدين لهذه الحملة ضد الأساتذة والصحافة ورجالات الدولة على إثر فشل الإنقلاب. ولكني أتمنى أن يوجد في تونس والبلاد العربية شخصيات مثل أردوغان في انتمائها إلى بلدانها, وهو الذي قال : “أنا لتركيا ولتركيا وحدها” نعم أتمنى انبثاق أردغان تونسي أو عربي يوقف هذا النزيف الخطير لاقتصادنا ويمنحنا شيئا من العزة والثقة, وليعلم هؤلاء الذين يلوحون بمواقفهم من أنهم يرفضون تركيا أردوغان، وأن مئات الآلاف بل الملايين من الوثائق والمخطوطات توجد اليوم بتركيا العثمانية وأن كتابة تاريخ تونس يتوقف على توظيف هذا الرصيد الوثائقي الهام جدا.

وصحيح أنا مع من ينادي بعقلنة الواردات التركية لبلادنا عبر سلسلة من المفاوضات الهادفة المشتركة، إذ لا يمكن أن تقبل تركيا إلحاق الضرر اقتصاديا ببلادنا، ومازلت أتذكر حوارا أجريناه مع سفير تونس بأنقرة السيد محمد يوسف تقية وكان يصحبني فيه الأستاذ الطاهر بوسمة، عندما أكد لي بالأرقام أن تركيا قدمت مساعدات هامة وأساسية لتونس بالملايين من الدولارات في ظرف دقيق جدا وهي اليوم تقدم مبلغ 300 مليون دولار أخرى، وبإمكانها أن تقدم المزيد من الدعم إذا عرف التونسيون كيف يعاملون تركيا بذكاء ودبلوماسية، أما ملف تسهيل مرور العناصر الإرهابية من التونسيين، فهذا ملف وجب فتحه ومعالجته دون تهريج إعلامي سلبي، كما استوجب اليوم توضيح علاقات تركيا بكل الأحزاب التونسية السياسية وعدم الارتهان إلى حزب معين يسيء إلى مستقبل العلاقات التركية التونسية وخصوصا منها المجتمع المدني التنويري والتي تريد إقامة علاقات فاعلة ووازنة حقا وبناءة.

وأحب أن أوجه رسالة إلى الإعلام التونسي وبقية المسؤولين السابقين ليكونوا أكثر وعيا وأمانة بدعوة من اهتم مباشرة بهذه الملفات المفصلة في تاريخنا.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.