الصافي سعيد: أمريكا تقف وراء تسريب وثائق بنما.. وفي تونس هي مجرد فقاعة لإلهاء الرأي العام!

أمل الصامت

أسال تسريب ما عُرف بوثائق بنما خلال اليومين الأخيرين من الحبر الكثير ليس في تونس فقط بل في العالم كله باعتبارها كشفت عن أسماء رياضيين وزعماء سياسيين ورجال أعمال من كل انحاء العالم قالت إنها مورطة في عمليات تهريب أموال من بلدانها إلى “ملاذات ضريبية”.

ولعل الحديث عن تورط شخصيات تونسية في هذه العملية دون الكشف عنها على عكس ما حصل مع بقية الدول الواردة اسماؤها في التحقيق الصحفي للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، الذي نُشر الاحد 03 أفريل 2016، وشاركت فيه أكثر من مائة صحيفة حول العالم، هو الذي خلق نوعا من تضارب الأراء لدى الرأي العام والنخب التونسية حول إمكانية أن تكون هذه التسريبات مجرد زوبعة في فنجان، ومن هي الجهات التي يمكن أن تكون وراء الكشف عن هذه الوثائق، والاهم من ذلك لماذا الآن بالذات…

حقائق أون لاين كان لها لقاء مع الصحفي والمحلل السياسي الصافي سعيد للوقوف على نقاط استفهام عديدة في ما يتعلق بوثائق بنما، فوصف محدثنا المسألة بالـ”معقدة” بل “وأكثر تعقيدا مما نتصور”، معتبرا أن هذه القضية بالنسبة لتونس هي بمثابة المشكل المغلوط (le faux problème) باعتبار أن هناك اموالا تونسية مهربة إلى الخارج بما يعادل 20 مليار دولار ولا يوجد اي جهة تطالب بها أو شكلت لجان أو مؤسسات أو مكاتب محاماة للمطالبة بها، قائلا: “هي مجرد فقاعة لإلهاء الرأي العام أياما معدودات ثم تنتهي”.

كما أكد أن الكشف عن هذه الوثائق كان نتيجة قرار لتسريبها وليس مجرد عملية سطو على مكتب محام خاصة وأنه لا يمكن لمحام وحيد أن يملك كل هذه الاسماء، وبالتالي يمكن القول إن هناك أكثر من طرف أو هناك شبكة وطنية كاملة تم الاستيلاء عليها، وفق تقديره.

وعن الجهات التي يمكن أن تكون وراء هذا “القرار” والاهداف التي ترمي إليها من وراء تسريب 11.5 مليون وثيقة تبرز تورط شخصيات معروفة في العالم، قال محدثنا إن هناك أخبارا تفيد بأن الامر يندرج ضمن معركة الانتخابات في أمريكا بين جماعة كلينتون وجماعة ترومب الرأسماليين، بهدف كشف فضيحة تتعلق بهذا الطرف أو ذاك من أجل تحطيمه، مضيفا: “ويبدو أنه تم فعلا كشف بعض الأسماء الامريكية ضمن هذه الوثائق مثلما تم الكشف عن رئيس وزراء بريطانيا من خلال ورود اسم أبيه في القائمة، إضافة إلى الكشف عن أسماء 11 رئيس حكومة في العالم لهم حسابات في بنما”.

وتابع بالقول: “بنما عبارة عن ولاية أمريكية خارج أمريكا حيث تتبعها قناة بنما التي بناها الأمريكان منذ قرن وهي القناة التي غيرت خريطة التجارة الدولية باعتبارها اختزلت مسافات على البواخر التي تقطع من المحيط الهادئ إلى المحيط الاطلسي 9 آلاف كيلومتر تقريبا وجعلوا منها مركزا ماليا منذ حوالي 30 سنة.. هذه العملية لا يمكن أن يكون وراءها سوى الأمريكان مثل تهريبات ويكيليكس تماما.. إذن العملية ليست مجرد استيلاء على مكتب محاماة بل جاءت إما بهدف تحطيم النظام المالي في بنما أو استرجاع اموال أو فضح نخب سياسية حاكمة”.

وعما إذا كان يعتقد ان هناك فعلا تونسيين مورطين في هذا الملف خاصة وأن القائمة التي وقع الحديث عنها لم تنشر بعدُ، أجاب المحلل الاستراتيجي الصافي سعيد بالقول: “لا أعتقد أن التونسيين من أصحاب الأموال يمكن أن تأتي في بالهم بنما أصلا.. فأقصى ما يمكن أن يفكروا فيه لذلك هو السيشل أو سويسرا أو غيرهما، ثم إن الحديث يدور حول 6 شخصيات تونسية لكن ليس هناك إثبات إلى حد الآن.. والدولة التونسية ليس لها إثباتات إلا عبر الوثائق”.

ولفت في هذا السياق إلى أنه يجب أن لا نعتبر أن هذه الوثائق هي كل ما يوجد فإذا تم الكشف عن 11 مليون وثيقة أكيد هناك غيرها الكثير، وفق تقديره، مؤكدا أن التونسيين حتى لو كان لهم أموال في بنما فهي ليست بالاموال الكثيرة إذ لم ترد مثلا أسماء لأفراد عائلة بن علي أو بن علي نفسه، في حين أن القائمة تضم أسماء من كل مكان في العالم مثل الخليج وإفريقيا وفرنسا وبريطانيا وماليزيا وإيزلندا التي تعتبر من أرقى وأنظف البلدان.

أما بالنسبة لما راج بشأن ورود اسمي المنسق العام لحزب مشروع تونس محسن مرزوق ورئيس حزب حراك تونس الإرادة المنصف المرزوقي في “وثائق بنما”، فأجاب قائلا: “إذا ورد اسما مرزوق والمرزوقي فعلا في هذه الوثائق فلا اعتقد انهما نفسيهما من أودعا أموالا في بنما ولكن قد تكون هذه الأموال هي نفسها اموال الدعم التي تلقياها من بلدان خليجية في إطار الحملة الانتخابية السابقة هذا باسم نداء تونس من الامارات والآخر باسمه وباسم حزب المؤتمر من قطر.. وبالتالي قد تكون هاتان الدولتان صرفتا أموالا لكليهما انطلاقا من بنما باعتبار ان المساعدات والرشاوى السياسية لا تعطى من حسابات الدولة أو ميزانيتها بل من اموال تسمى بالمجنبة او المهربة تعطى من حسابات غير معروفة حتى لا يتم تتبع اثارها.. والاحتمال الوارد أن هذه المساعدات وصلت عن طريق بنما وصرف منها ما صرف وتبقى منها جزء موجود هناك إلى الآن.. وهنا تجدر الإشارة إلى ان هذه الأموال في النهاية ليست تونسية ولا يمكن اعتبارها أموالا مهربة”.

وختم محدثنا في هذا السياق بأن الدولة التونسية إذا أرادت بأي حال من الاحوال ان تحقق في حقيقة امتلاك هذه الشخصيات لحسابات في بنما فإن بنما لن تقبل بالافصاح عن أي معطيات لنظام بنوكها السري، ولكن تبقى الطريقة الوحيدة للتحقيق في الامر وجود هذه الأسماء فعلا ضمن الوثائق المسربة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.