منع التونسيات من دخول الإمارات: الشجرة التي تخفي الغابة

بقلم: بسام حمدي

دخلت التوترات الدبلوماسية بين تونس والإمارات طورا جديدا من أطوار التأزم الدبلوماسي الحاصل بين البلدين منذ سنة 2011 ومرت من مرحلة الحرب الدبلوماسية الصامتة إلى اتخاذ قرارات الحد من المعاملات.

الإمارات أرادت التصعيد في ضغطها على رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي دعمته في الانتخابات الرئاسية الماضية بشروط ومنعت النساء التونسيات من الدخول إلى أراضيها ومن ركوب طائراتها.

رد تونس على هذا القرار الإماراتي يبدو أنه جاء في إطار المعاملة بالمثل وبعد عدم حصولها على توضيحات من الإمارات، فأغلقت تونس المجال الجوي أمام الرحلات الجوية الإماراتية ومنعت طائراتها من النزول في المطارات التونسية وذلك بعد أن طلبت توضيحا من السلطات الإماراتية بشأن قرار بمنع سفر تونسيات إلى الإمارات أو العبور منها.

ويبدو أنه وعلى خلاف الظاهر وما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي وما يعلنه مسؤولو البلدين، فإن هذا التوتر مردّه أسباب دبلوماسية لا أمنية خلافا لما صرحت به سعيدة قراش مستشارة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.

وتراءى قرار منع التونسيات من دخول الإمارات أو المرور عبر أراضيها في صورة “الشجرة التي تخفي الغابة” حيث تخفت الإمارات وراء هذا القرار للتصعيد في الضغط على رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بسبب تحالفه مع حركة النهضة ذات التوجه الفكري الإسلاموي علما وأنها دولة خليجية تعرف بمعاداتها للتيارات السياسية الدينية المدعومة من تركيا وقطر مقابل دعمها للتيارات الليبرالية.

تفاصيل التوتر بين البلدين أخفتها كذلك مستشارة رئيس الجمهورية والناطقة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، التي أرجعت أسباب قرار منع التونسيات من الدخول إلى الإمارات إلى  مشروع إرهابي محتمل مروجة في تصريح إذاعي أن السلطات الإماراتية لديها معلومات أمنية حول إمكانية تنفيذ عمليات إرهابية من طرف نساء تونسيات أو نساء حاملات لجواز سفر تونسي رافضة في نفس الوقت الحديث عن أزمة دبلوماسية بين البلدين.

الخارجية الإماراتية بدورها لم تعلن بصفة رسمية عن عوامل وأسباب القرار  الذي اتخذته دون سابق إنذار واكتفى وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقارش بنشر تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي أفاد ضمنها أن دولته  تواصلت مع تونس حول معلومة أمنية فرضت إجراءات محددة وظرفية دون أن يوضح أسباب التمييز بين النساء التونسيات والتونسيين الرجال.

وبغض النظر عن مدى مصداقية هذه التبريرات، فان هذا القرار لا يعدو أن يكون الا طورا من أطوار التأزم الدبلوماسي بين البلدين ومدى تدخل البلدان العربية النفطية في شؤون البلدان الأخرى والاستعلاء فالإمارات وجهت رسالة سياسية إلى السبسي مضمونها “إهانة” المرأة التونسية المتحررة التي كانت الفئة الأكثر تصويتا له في الانتخابات الرئاسية الماضية.

ويبدو أن “الانتقام الدبلوماسي” للإمارات من الباجي قائد السبسي لتحالفه مع حركة النهضة وتشريكها في الحكم تفعّل منذ تعطيل أشغال مشروع سما دبي في منطقة البحيرة بالعاصمة وكذلك من خلال عدم اسهامها بصفة جيدة في الندوة الدولية للاستثمار 2020 التي التأمت بتونس العام الماضي.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.