هل تكون مجلة الحريات الفردية أول مدونة قانونية عربية وإسلامية تشرع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج؟

رحـمــة الباهي-

تحدث رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في حواره التلفزيوني الأخير الأحد الفارط عن فكرة مبادرة تشريعية تهدف إلى إنجاز مجلة قانونية للحريات الفردية.

ويعتبر بعض المتابعين للشأن العام أن هذه المجلة في حال أبصرت النور ستكون احدى أهم المحطات السياسية التي قد تشهدها تونس على غرار مجلّة الأحوال الشخصية التي كان قد أقرها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة. وإذا ما تمّ تمريرها فعلا ستكون تونس أول دولة عربية تقرّ الحريات الفردية التي تغيب عن المجتمعات العربية التي غالبا ما ينادي نشطاؤها ونخبها بالحريات العامة دون إيلاء أدنى اهتمام بالحريات الفردية رغم أنه لا يمكن أن تقوم ديمقراطية حقيقية دونها.

إلا أن المجلة القانونية للحريات الفردية قد تواجه بعض الصعوبات خاصة أن الكثيرين في تونس سيرفضون بعض المواد التي قد ترد فيها وبشكل خاص تلك التي تتعلّق بحرية الضمير وبالحرية الجنسية بتعلّة ضرورة المحافظة على تقاليد المجتمع التونسي وعاداته.

شخصية حقوقية لقيادة المشروع

وفي هذا السياق، أوضح مصدر برئاسة الجمهورية لحقائق أون لاين أن فكرة المجلة القانونية للحريات الفردية لم تتجسد بعد ومازالت مشروعا مبينا أن هناك لجنة بصدد العمل على صياغة الخطوط العريضة لهذه المجلة.

وأضاف مصدرنا أنه بمجرّد أن تتوضح الخطوط العريضة للمجلة قريبا سيقوم رئيس الدولة بتكليف شخصية حقوقية لقيادة هذا المشروع وإنجازه مشيرا إلى أن هذا الأخير قد يكون مشروع مجلّة قانونية أو مشروع قانون أساسي.

بين ضرورة تفعيل الدستور.. وواقع خرقه

من جهته، بيّن المحامي غازي مرابط أن بعض فصول دستور 2014 المتعلّقة بالحريات الفردية والشخصية خاصة تحتاج إلى قوانين لتفسيرها وتوضيحها وتفعليها.

وأشار مرابط، في تصريح لحقائق أون لاين، إلى أن هناك أيضا فصولا في المجلّة الجزائية لا بدّ من تنقيحها على غرار الفصل 230 الذي يهمّ عقوبة المثلية الجنسية والفصل 125 المتعلّق بـ”هضم جانب عمومي” والفصل 227 مكرّر الذي يتيح إمكانية زواج المغتصب من العقاب من خلال زواجه بالضحية.

ولفت إلى أن القانون يمنع كذلك تواجد شاب وفتاة غير متزوجين في مكان مغلق مؤكدا أن هذا الأمر حرية شخصية لا يمكن تجاوزها كما لا بدّ من احترام حرمة المسكن ومشددا على ضرورة توضيح الحريات التي ينصّ عليها الدستور وتطبيقها.

وفي المقابل، اعتبر المحامي ونائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي أنه لا توجد في القانون التونسي مكبلات للحريات الفردية إنما توجد في الممارسات.

وشدد الطريفي، في تصريح لحقائق أون لاين، على ضرورة أن يقع احترام دستور 2014 وأن تحترم الحريات الشخصية التي تتعلّق بالمثليين الجنسيين والعلاقات بين شاب وفتاة خارج إطار الزواج مشيرا إلى أن الحريات الفردية مكفولة كذلك في المواثيق والمعاهدات الدولية.

وبيّن أن هناك خرقا للدستور من قبل الساهرين على النظام قد يكون أحيانا مقصودا وأحيانا أخرى غير مقصود.

وأكد أنه لكلّ إنسان الحق في حرمته الجسدية داعيا إلى ضرورة تنقيح الفصل 230 من المجلّة الجزائية كي يتماشى مع الدستور، معتبرا أن الدستور هو خير كفيل لحماية الحريات الفردية وأنه لا توجد حاجة لمجلة قانونية في هذا الشأن إلا إذا وجدت لتعزيزها.

لا خلاف حول الحريات الفردية

وفي الإطار ذاته، قالت عضو مجلس نواب الشعب بشرى بلحاج حميدة، لحقائق أون لاين، إن الدستور ضمن الحريات الفردية إلا أنه لم تقع مناقشة مضامينها مشيرة إلى أن حركة حقوق الإنسان بتونس نسيت مسألة الحريات الفردية بسبب اهتمامها بالحريات العامة كالديمقراطية إلخ.

واعتبرت بلحاج حميدة أن إعلان رئيس الجمهورية عن فكرة إنجاز مجلة للحريات الفردية فرصة لمناقشتها كي يدرك الناس مدى أهميتها موضحة أن الفرد يجب أن يشعر بحريته الشخصية حتى يحترم حرية الآخر ولهذا فإن الحريات السياسية تصبح عامة لا مركزة إذا غابت الحريات الفردية.

وأشارت إلى أن حرية الفرد تنتهي عند حرية الآخر مبرزة أن موضوع الحريات الفردية لا يقع تناوله على مستوى الخطاب الحقوقي والسياسي مؤكدة أهمية أن يفتح المجتمع حوار حقيقيا يحدّد الحريات الفردية.

وردا على سؤال حول مدى تقبل المجتمع التونسي لهذه الحريات خاصة منها المتعلقة بحرية الضمير والحريات الجنسية، قالت محدثتنا إن الزعيم قد يكون متقدما على المجتمع مذكرة بإقرار بورقيبة لمجلّة الأحوال الشخصية.

وبيّنت أن مشروع قانون هذه المجلة عند الانتهاء منه سيمرّ إلى مجلس نواب الشعب الذي سيناقشه وقد يغيّر فيه عدّة أمور مضيفة أنها لا تعتقد أن المجلس سيعارض الحقوق الفردية وأنه قد يقع اختلاف في بعض النقاط والتفاصيل إلا أن النواب لن يكونوا ضدّ الحريات الفردية.

انتقال لن ينجح دون الحريات الفردية

من جانبه، اعتبر القيادي في حركة النهضة والمستشار السياسي لرئيسها لطفي زيتون أن الحريات الفردية غير متجذرة في المجتمع التونسي معربا عن اعتقاده بأن الحرية الشخصية هي شيء مقدّس.

وأضاف زيتون، في حوار مع موقع “Le Point Afrique” أنه للحصول على مجتمع منفتح وديمقراطي لا بدّ من توفر الرخاء الاقتصادي قائلا إنه لا يرى كيف يمكن للانتقال الديمقراطي أن ينجح في تونس إذا لم يتوفر هاذان العنصران.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.