سكتة “التوافق” في تونس والأجل الوشيك (رأي)

يبدو أن "حكاية" التوافق بين حزبي النهضة ونداء …

 يبدو أن "حكاية" التوافق بين حزبي النهضة ونداء تونس قد شارفت على النهاية في خاتمة تراجيدية، كانت معالمها واضحة منذ بدأ صرح التوافق والاتفاق بالتهاوي أمام التحديات السياسية المشتركة للحزبين.

 قد تغطي التوافقات السياسية الكبرى والشعارات التي يرفعها الحزبان، مشهدا مأساويا يتحدث عن عمق تأزم الروابط التي تجمع الطرفين، في وقت اصبحت فيه هذه الأزمات واضحة المعالم للنخب السياسية التونسية، التي تعي جيدا بأن الروح الجوهرية لهذا التوافق خاوية لا صلب فيها.

 تبعث عديد التحديات الكبرى التي مرت بها البلاد منذ إسقاط حكومة الحبيب الصيد في جويلية الماضي، برسائل عدة تبين عمق الاختلاف بين الطرفين، فالنهضة كانت متعجبة قدر تعجب الشارع التونسي من مقترح السبسي الذي نُوقش في أورقة قصر قرطاج دون الإستشارة مع حركة النهضة الحزب الأغلبي الثاني في البلاد وشريك النداء في الحكم.

 بدا واضحا أن موقف حركة النهضة في تلك الفترة كان متوجسا وغير مهيإ للحسم مبدئيا في مسألة بقاء الحبيب الصيد على رأس الحكومة من عدمه، بالنظر الى أن مبادرة قايد السبسي كانت بمثابة المفاجأة السياسية غير المنتظرة، لذلك كان موقف الحركة متأخرا نسبيا مقارنة ببقية الاحزاب.

 في تلك الفترة ظنت أغلبية النخب السياسية بأن النهضة ستدعم بقاء الصيد على رأس الحكومة، لكن يبدو أنها قبلت خيار السبسي على "مضض"، دون أن يكون لها على الاقل بديل يمكن أن تطرحه مكان الصيد، لكن الباجي قائد السبسي استبق الجميع ودعم صعود أحد أفراد حزبه "القادم من الخلف".

 العديد من التقارير الإعلامية في تونس والخارج تحدثت في تلك الفترة عن توتر العلاقة بين الحزبين،التي تزامنت مع تأزم فجوة الإختلاف بين أفراد حزب النداء .

لكن زعيمي التوافق يُسارعان الى نفي تلك الإداعاءات، رغم أن الإختلاف في التوجهات بين الطرفين تحيط بهما من كل حدب وصوب.

النهضة حزب هيكلي عميق ومنظم، والواضح أنه لم يشأ التدخل في هذه الأزمة عملا بمقولة "إضرب الرؤوس ببعضها"، حتى يتسنى لها في الوقت المناسب ترؤس المشهد السياسي في البلاد في ظل فراغ حزبي بدأ بالتشكل، خاصة مع شبه انعدام تأثير دور اليسار في الحكم.

الباجي قائد السبسي وعى ولو في وقت متأخر، بضرورة إيجاد بديل عن حزبه القديم المُتهاوي الذي نخر الإختلاف جسمه، كل ذلك اتقاء لإمكانية " تغول" حزب النهضة على المشهد السياسي في البلاد، مما يُفسر توجس الرئيس من حزب النهضة شريكه الأول في الحكم.

ولعل النقطة الفارقة التي أفاضت الكأس وأظهرت الصراع الخفي بشكل علني، كانت بعد إصدار الحكم بخصوص المتهمين بمقتل المنسق العام الجهوي لحركة نداء تونس لطفي نقضي والذي قضى بعدم سماع الدعوى.

في هذه اللحظة بدا جليا أن صراع المتناقضات قد برز للعيان بعدما طالب حزب النداء حركة النهضة بتوضيح موقفها من رابطات حماية الثورة، التي يعتبرها مراقبون للشأن العام السياسي ذراعا موازيا للنهضة، وهو ما أعاد مقولة التوافق لنقطة الصفر.

 وتفيد تقارير إعلامية في هذا الإطار بأن بيان حزب النداء أثار غيظ قياديين من حركة النهضة خاصة وأن العديد منهم عبروا في فترات سابقة عن امتعاضهم من الحكم التشاركي بين الحزبين.

كل هذه المؤشرات تُنبئ بإمكانية نشوب "حرب باردة" ووشيكة، بين حزبي الأغلبية في البلاد وهو ما قد يُنهي تباعا هذا التحالف الوهمي الذي رُكب اضطرارا لاختيارات مرحلية تجاوزها الزمن.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.