هطول الأمطار في تونس.. بين استجابة لرجاء وخيبة أمل

دعت وزارة الشّؤون الدينيّة الأسبوع الفارط، المديرين الجهويّين للشؤون الدّينيّة إلى التّنسيق مع السّلط الجهويّة ومع الأئمّة الخطباء إلى إقامة صلاة الاستسقاء، حتى أنها حددت برنامجا لهذه الصلاة في مختلف الجهات حسب ما ورد على صفحتها الرسمية على الفايسبوك.

دعوة الوزارة التي جاءت عملا بأحكام الدين الاسلامي الحنيف من الالتجاء إلى اللّه تعالى بالدّعاء والصّلاة عند انحباس الأمطار وقلّة المياه، والتي استجابت لها العديد من الجهات في انتظار استكمال ما تبقى منها، سبقتها تصريحات لوزير الفلاحة في حكومة الحبيب الصيد المتخلية سعد الصديق اعتبر فيها أن الموسم الحالي من أصعب المواسم بالنسبة لندرة الأمطار.

كما أكد الصديق أنه في صورة عدم نزول أمطار إلى نهاية السنة، فقد يتم اللجوء في بداية 2017 إلى أخذ إجراءات بترشيد الاستهلاك في بعض المناطق. ولم ينكر الوزير الجديد في حكومة الوحدة الوطنية سمير الطيب بدوره، دقة الوضع بالنسبة للمخزون المائي في البلاد، حتى أن رئيس الحكومة المتخلي الحبيب الصيد تمنى خلال موكب تسليمه السلطة لخلفه يوسف الشاهد أن يبعث الغيث النافع للبلاد في أقرب الآجال.

كل هذه المعطيات أدخلت نوعا من البلبلة في صفوف المواطن التونسي الذي أبدى تخوفا من اتباع الدولة على المدى المتوسط والقريب سياسة "التقشف" في توزيع المياه، وجعلت الأنظار موجهة على توقعات الطقس اليومية بنزول الأمطار عسى أن تصبح واقعا ينتزع عن الموسم هذا العام صفة "الجفاف" ويبعث بتباشير الغيث النافع مع حلول شتاء جديد.

وعلى كل حال، سواء تقبل الله دعوات التونسيين بنزول الأمطار أو صادفت التوقعات مشيئة السماء، أو أن الرب يريد لنا "عام صابة"، فإن عديد المناطق عرفت منذ مساء الامس إلى حدود صباح اليوم الاربعاء 07 سبتمبر 2016، هطول كميات متوسطة من الامطار أسعدت التونسيين وبعثت فيهم شيئا من الأمل.

وسرعان ما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورا لمخلفات هذه الامطار التي لم تتجاوز مدة هطولها في العاصمة على سبيل الذكر لا الحصر بضعة دقائق، وقد شلت لها حركتي المرور وجولان المترو وانقطاع جزئي في التيار الكهربائي، وتسرب المياه إلى الحافلات والمنازل والمستشفيات والمحلات التجارية، وفيضان البالوعات، و"كشف ستر" حفر الأشغال في الطرقات…

كل هذه المخلفات لا تنم سوى عن بنية تحتية مهترئة لم تنجح الحكومات المتعاقبة في تونس خلال سنتين من "الجفاف" أو "شبه الجفاف" في إصلاحها أو ربما لم تحاول حتى، رغم ما تنشره سلطة الإشراف يوميا من أرقام وإحصائيات عن تقدم إنجاز مشاريع التهيئة وإعادة التهيئة ومد قنوات الصرف الصحي…

دقائق معدودات من تهاطل الأمطار اليوم تسببت في تعطيل حركة المرور والتحاق الموظفين بمقرات عملهم متأخرين، فعن أي غيث نتحدث؟ وما نفعه إن كان سيملؤ السدود ويعطل سير العمل في الإدارات والمصالح العامة والخاصة؟ ألم يكن من الأجدى تحضير بنية تحتية ملائمة قبل الدعوة إلى صلاة للاستسقاء؟ ألم يحن الوقت لنفهم أن "'الجامع يجي قبل الحصيرة" وليس العكس؟

ولئن تحدث رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد يوم منحه الثقة من قبل البرلمان عن ان البئية والنظافة ستكونان من أولى أولويات عمل فريقه الحكومي، إلا أنه لم يخص البنية التحتية بتعهد مماثل، ولكن لعل الأيام القليلة القادمة وعلى خلفية ما لوحظ اليوم من بنية تحتية تعيسة تحمل معها قرارات حازمة.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.