لإقرار المساواة في الإرث وإلغاء "رئاسة" الزوج: مجلة الأحوال الشخصية في حاجة إلى المراجعة بعد 60 سنة على إصدارها

تحتفل تونس اليوم السبت 13 أوت 2016 بالذكرى الستين لإنشاء مجلة الأحوال الشخصية التي مثّلت منعرجاً هاماً في تاريخ تونس وجاءت بقوانين جريئة في العالم العربي لتحرير المرأة التونسية.

وعلى الرغم من مرور 6 عقود على إصدار مجلة الأحوال الشخصية فإن المرأة التونسية لا تزال تجد نفسها اليوم في مواجهة عدة تحديات تجعلها تخوض معارك يومية في سبيل الوصول إلى المساواة الحقيقية ونيل المناصب والمكاسب التي تستحقها فعلاً، وذلك في ظلّ تفشي "العقلية الذكورية" التي قد تتجلّى في أبسط التفاصيل بدءاً من التحرش في الطريق والأماكن العمومية، مروراً بتبرير العنف والاعتداءات ضدّ المرأة ووصولاً إلى إقصائها من المراتب والمسؤوليات وحقوقها المادية لا لشيء إلا لكونها "أنثى".

كلّ هذه العوامل باتت تؤكد ضرورة تحديث مجلة الأحوال الشخصية، التي لا يمكن إنكار أهميتها، لتصبح متجانسة مع متطلّبات العصر ومتماشية مع الدستور الجديد.

وفي هذا السياق، أكدت عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات سعيدة راشد، في تصريح لحقائق أون لاين، أن مجلة الأحوال الشخصية كانت ثورية وجريئة في ذلك الوقت في المنطقة العربية حيث أنها ألغت تعدّد الزوجات وسمحت باختيار القرين دون تدخل الولي ومنعت التطليق وجرّمته إلى جانب عدّة مكتسبات أخرى.

وشددت راشد، في الآن ذاته، على حاجة مجلة الأحوال الشخصية إلى التعديل لتصبح متناغمة مع الدستور الجديد الذي قدّم مكتسبات أكبر للمرأة مبينة ان المجلة تحمل تمييزاً في بعض فصولها على غرار الفصل 23 الذي ينصّ على ان الزوج هو رئيس العائلة بما يعني ان الزوجة هي مرؤوسته في حين ان الزوج والزوجة اليوم شريكان في الاهتمام بالعائلة.

وأوضحت ان عبارة "الزوج هو رئيس العائلة" يكرّس التمييز الجنسي ويعطي للرجل الحق في الولاية، مشيرة في سياق متّصل إلى انه في الظروف الحالية تشارك النساء في تكوين الثروة ولكن عند توزيع الميراث لا تحصل إلا على نصف نصيب الرجل وفي بعض المناطق لا تحصل على أي شيء، ومشددة على ضرورة إلغاء مبدإ الولاية وإقرار المساواة في الإرث.

واعتبرت ان مجلّة الأحوال الشخصية تحمل مفاهيم قديمة وتكرّس التمييز مبرزة ان الدستور نصّ على المساواة بين المرأة والرجل ومؤكدة ضرورة تطبيق الدستور.

وفي إطار متّصل، بيّنت محدثتنا ان القانون التونسي ينصّ على المساواة في الراتب بين الرجل والمرأة في الوظيفة العمومية إلا ان التمييز يقع في المؤسسات العمومية بشكل غير مباشر وذلك من خلال حصول الرجل على الترقيات وما يتبعه ذلك من زيادة في الأجر في الوقت الذي تعمل معه نساء بنفس الكفاءة وأحياناً يكنّ أكثر كفاءة وصاحبات شهادات أعلى من شهادته.

وأشارت إلى انه في تكوين الحكومات يتمّ تهميش المرأة ولا تُمنح إلا وزارة المرأة أو الثقافة وتخصيص ميزانية ضعيفة لمثل هذه الوزارات معتبرة ان ذلك دليل على عدم إدراك قيمتها وضرورة الارتقاء بها.

وقالت سعيدة راشد إن جمعية النساء الديمقراطيات قدّمت قبل الثورة وبعدها مطالب لإلغاء مبدإ رئاسة العائلة وتعويضه بالمسؤولية المشتركة لافتة إلى ان الجزائر والمغرب قامتا بهذه الخطوة على الرغم من ان تونس تسبقهما في مجلّة الأحوال الشخصية.

وأضافت انهم طالبوا كذلك بإقرار المساواة في الإرث وإلغاء الولاية التي لا تمنع الأم من السفر بأبنائها رغم انها قد تتحصل على الحضانة وتهتم بأبنائها دون زوجها الذي قد يغيب ولا يدفع نفقاته مشيرة إلى انه من الصعب إثبات غياب الرجل أو انه عديم المسؤولية.

من جهة أخرى، لفتت راشد إلى انه بحسب الإحصائيات الرسمية فإن نسبة نجاح المرأة وتفوقها وحصولها على المراتب الأولى في المدارس والمعاهد والجامعات وفي مختلف الميادين الاختصاصات، تفوق نسبة نجاح الرجل إلا ان ذلك لا ينعكس على سوق الشغل وفي تحمّل المسؤوليات بعد الدراسة.

وختمت بالتأكيد على ان كفاءة المرأة التونسية موجودة ولا بد ان ينعكس ذلك على سوق العمل.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.