شباب يغرق في بحر فقدان الأمل/ بقلم أحمد وسيم العيفة

تعيش الدولة التونسية على وقع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية كما أطلق عليها، والتي كتب لها باختيار الرئيس أن تكون بقيادة السيد يوسف الشاهد.

والأكيد أن جل الأعين تحدق الان بمتغيرات الساحة السياسية. وجل الأحزاب هي على أهبة الاستعداد من أجل شن حرب على الحكومة اذا لم تكن بالنسبة لهم جديرة بالثقة. وجل وسائل الاعلام تلتقط كل صغيرة و كبيرة حول تركيبة وعناصر الحكومة القادمة.

ووسط كل هذا أنطلق للتعبير عن حزن يعترينا كل يوم. حزن ناتج عن خبر أصبح عاديا و اعتياديا في الوسط المجتمعي التونسي. أنطلق لأنوه بخطر أصبح يداهم الفئة الشبابية. فبعد الشبكات الارهابية اللانسانية التي حلقت بالعديد من الشباب في السماء لتحط بهم في الأراضي السورية ليكونوا في مقدمة الترسانة العسكرية في محاربة النظام السوري . ها نحن نستفيق كل يوم مع بزوغ الشمس على نبأ انتحار شاب تونسي. شاب في مقتبل العمر، تونسي في عنفوان الشباب. يترك الحياة في دقائق معدودات.

فهم يعيشون في مستقبل مجهول مليئ بالتهميش و البطالة و غياب الثقة النفسية و الأمل. فهم يغادرون، في وقت تحتاج فيه الدولة التونسية لطاقات شبابها ومشاركتهم في البناء لأن الشباب هم قوام التحولات العميقة و المستقبلية في الأوطان . تونس تحتاجهم في الحقول لنهوض الفلاحة. وتحتاجهم في السياحة كي تنشط.

وتحتاجهم في الأمن و الجيش لحماية الوطن. كما أنها تحتاجهم في المصانع لتدعيم القوة الانتاجية . كما هي في حاجة لهم لتسلم المشعل مستقبلا والمسك بمقود سفينة البلاد. ان الشباب هم عماد كل أمة و كل دولة و هم أساس تقدمها و رفعتها … الشباب نبراس الوطن و هم شعلة الأمل المضيء في كل وطن، فإذا كان هناك دولة تقدمت فاعلم بأن شبابها هم قادة سفينة التقدم و التطور بأفكارهم الوقادة و عقولهم الهادفة التى تسخر لإرساء منهج قويم يسير بالدولة نحو مراتب قيمة.

ان ظاهرة الانتحار في صفوف الشباب أضحت شائعة في تونس . وربما تختلف الأسباب لكن نلتقى في دافع اساسي للانتحار وهو اليأس أو فقدان الأمل . و دون شك هو دافع تافه و لكنه ذا هيمنة و قوة في النفوس الهشة التي لا تتمتع بحماية نفسية كافية تجعلها تدخل معترك الحياة بعزيمة و طموح و قوة. و على الأرجح فان أسباب الانتحار تتجه لتكون على مستويين، اما على المستوى العائلي او المجتمعي بما يحتوى على دراسة وعلاقات اجتماعية و مهنية. ولعل المستوى الأول لا تلعب فيه الدولة الدور الأكثر تأثيرا أما الثاني فالدولة ممثلة في الحكومة تلعب فيه دورا هاما.

العائلة هي المدرسة الأولى وان التقدم والحضارة لا تصنع بالثرثرة انما بالأفكار العبقرية التي تيسر للدولة احتضان الشاب و تيسر للشاب حمل المشعل وترك الأثر في المستقبل في خدمة البلاد من أي موقع دون نسيان أهمية تسلح الصغير بالقيم في مجابهة المجتمع و وفاءه بالهوية في مسايرة الواقع و مناقشة قضايا أمته.

ان أشنع الأخطاء هو اهمال الشباب وترك الوهن تستبيح عقولهم و هذا لا يساهم الا في تمارض عقولهم و ابتعادهم عن السفينة و تحليقهم خارج السرب . اذ أن الهشاشة النفسية نابعة من خروقات في البرامج التعليمية و الاجتماعية التي تؤمنها الدولة التونسية .و هذا كله ناتج عن تراكمات وسياسات خاطئة انتهجتها الدولة . اذا مهم الان الذهاب في انتهاج سياسية تكوينية و تعليمية جديدة للشباب التونسي. وكذلك الاعتماد على التكوين النفسي و احتضان الشباب التونسي. كذلك اني اتوجه للشباب التونسي داعيا اياهم الى عدم الاسلام، ومؤكدا على أن الدولة التونسية في حاجة لكل شبابها.

ان الانتحار لم ولن يكون مطلقا هروبا من الواقع الأليم. الفقر والتعاسة والبؤس والمستقبل المجهول ليسوا قادرين البتة على قتل عزائمكم. لا تتركوا الظروف هي التي تحكمكم. غيروا الظروف وتشبثوا بالحلم. راهنوا على عقولكم و طاقاتكم واكتشفوا مواهبكم. الدنيا امتحان وطرق النجاح كثيرة و أنتم قادرون على صنع المعجزات. الحلم و الطموح و الثقة هم اساس النجاح. لا تهربوا من الواقع وواصلوا المسيرة بمخاطرها و مصاعبها . وان الأمل موجود و سنكون غدا في حال أفضل.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.