قبيل مثولها أمام البرلمان: غياب تقييم موضوعي وشامل لأداء حكومة الصيد.. والحاجة إلى رجال حكم "استثنائيين"

من المنتظر أن يمثل رئيس الحكومة الحبيب الصيد وأعضاء فريقه الحكومي يوم السبت المقبل 30 جويلية 2016 أمام مجلس نواب الشعب، على خلفية تقديمه طلباً لتجديد الثقة في حكومته يوم الاربعاء الفارط، وذلك بعد أن رفض الاستقالة وخيّر المرور عبر البرلمان إثر توقيع الأطراف المشاركة في مشاورات حكومة الوحدة الوطنية على وثيقة أولويات هذه الأخيرة والتي أطلقت عليها تسمية وثيقة "اتفاق قرطاج".

وعلى الرغم من اقتراب موعد جلسة تجديد الثقة وتراجع أحزاب الائتلاف الحاكم، وبشكل خاص حركتي نداء تونس والنهضة، عن دعم الحبيب الصيد، يغيب تقييم موضوعي لأداء حكومة الصيد. فباستثناء تقييمه لحكومته، والذي يفضّل فيه التركيز على ما يسمّيه بـ"نصف الكأس الملآن"، لم يقم أحد بتقديم تقييم شامل ودقيق لأداء الفريق الحكومي للحبيب الصيد الذي نجح في مواقع وأخفق في أخرى، بهدف تحديد مواطن الخلل وإعداد برنامج إنقاذ يستجيب لما تتطلّبه الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد.

الحاجة إلى رجال حكم استثنائيين…

وفي هذا الإطار، قال المؤرخ الجامعي والمحلّل السياسي خالد عبيد إن الجهة الوحيدة المخوّل لها تقييم أداء حكومة الحبيب الصيد هي البرلمان ومنه الشعب التونسي مشيراً إلى انه إذا أصبح تقييم أداء هذه الحكومة محلّ تجاذب بين هذا الطرف أو ذاك يعني بالضرورة ان هناك خللاً يتوجّب معالجته سريعاً حتى لا يستفحل الأمر كثيراً مثلما يحصل اليوم وحتى يتمّ ضمان الاستقرار السياسي المنشود.

وتساءل عبيد، في تصريح لحقائق أون لاين، عمّا إذا كان تحقيق ذلك ممكناً في ظلّ الظروف الحالية وخاصة مع طبيعة النظام السياسي المعتمد مضيفاً ان الإجابة على هذا السؤال حسب اعتقاده ستكون لا، وموضحاً ان الأمر يتطلّب إصلاحات جوهرية وجريئة يقوم بها رجال حكم استثنائيون ولا يمكن لأي كان أن يعطّلهم عن تحقيق المبتغى الأسمى وهو إنقاذ تونس على جميع المستويات وإن لزم الأمر تعديل الدستور من أجل ضمان الاستقرار السياسي وجعل طبيعة النظام الذي سيعتمده متجانساً أكثر مع عقلية التونسي ومزاجه، حسب تعبيره.

وأكد أن الاعتراف بالخطإ والخلل ومن ثمّة إصلاحه أمر ضروري وهو أفضل بكثير من التمادي في الخطإ والمعاندة والمكابرة مبيناً ان هذه الخصائص تونسية بامتياز.

وشدّد على ان تقييم أداء حكومة الحبيب الصيد على أساس الفشل أو النجاح غير ممكن باعتبار انه لا يوجد فشل مطلق كما ينعدم النجاح المطلق موضحاً ان حكومة الحبيب الصيد تمكنت من تحقيق نتائج إيجابية ولم تتدارك أمرها لعدّة أسباب من أجل تجاوز السلبي في أدائها وخاصة في نتيجته.

وأبرز محدثنا انه بقطع النظر عن الفشل أو النجاح يتعيّن على من سيأتي بعد الحبيب الصيد أن يراكم على النقاط الإيجابية ويطوّرها وأن يدرك النقاط السلبية ويعمل على أن تكون إيجابية لا أن يعلن مثلما أعلن غيره سابقاً ان ما كان قبله هو عنوان الفشل وهو سيكون حتماً عنوان النجاح فكان أن لحق به ما لحق غيره وهي مرّة أخرى خاصية تونسية، وفق تصريحاته.

إصلاحات جريئة وموجعة

من جهته، أوضح الباحث الأكاديمي والمحلّل السياسي عبد القادر العريبي، في تصريح خصّ به حقائق أون لاين، ان تقييم أداء حكومة الصيد يتطلّب اطلاعاً كاملاً على الحقائق وانه ليس هناك علم بجميع الملفات التي عالجتها هذه الحكومة.

وأشار العريبي إلى انه في ما يتعلّق بالمستوى الأمني حقّقت حكومة الحبيب الصيد الكثير من النجاحات التي يعترف بها خصومه وأنصاره لافتاً إلى ان أنصاره أصبحوا قلائل بعد ان انفض التوافق السياسي من حوله.

وذكّر بأن الحبيب الصيد يقول إنه لا اعتراض لديه على المبادرة الرئاسية المتعلّقة بتكوين حكومة وحدة وطنية ولكن لديه مشكلة في توقيت الإعلان عنها والطريقة التي تمّ بها دون إعلامه مسبقاً مبرزاً انه يتفق معه في هذه النقاط ومضيفاً انه كان من المفترض أن يقع الاتفاق لا من خلال إعلان نوايا كما حصل في وثيقة "اتفاق قرطاج" ولكن عبر جلوس الأطراف المتدخلة للتوافق على مواطن الخلل في حكومة الصيد وذلك لتحديد الحلول التي يرونها والاتفاق على التغييرات والتعديلات التي يعتبرونها ضرورية.

وبيّن انه إثر ذلك يقبل الحبيب الصيد بإدخال تلك التعديلات على أساس وضمن السند السياسي الذي يوفّره الحزام السياسي الممثّل في الأطراف المشاركة في المشاورات معتبراً انه لو تمّ هذا الأمر لتحقّق المنعرج الذي أراده رئيس الجمهورية ولتمّ إحداث الرجة النفسية اللازمة للإقلاع بالنمو الاقتصادي واتخاذ الإصلاحات الجريئة والموجعة.

ولفت العريبي إلى وجود تخوّف مما يتمّ ملاحظته في المراسلات والمفاوضات من السقوط في محاصصات حزبية جديدة موضحاً انه مع حكومة إنقاذ وطني بغض النظر عن الشخصية التي ستتولى رئاستها على أن تكون سياسية ومهتمة بالشأن السياسي دون أن تكون حزبية للابتعاد عن منطق المحاصصة.

واعتبر انه من المفترض أن يُطرح تقييم أداء حكومة الحبيب الصيد على المتابعين الميدانيين لنشاط هذه الحكومة مشيراً إلى انها حققت نجاحات وإخفاقات وانه يتعيّن تحديد المسؤول عليها.

وأكد ضرورة الاتفاق على برنامج إنقاذ وطني في إطار حكومة توافق أو وحدة أو إنقاذ لافتاً إلى وجود ملفات كثيرة ومتنوعة تحتاج إلى توافق وقبول من جميع الأطراف بالتضحيات المفروضة من الإصلاحات الموجعة والعاجلة التي تقتضيها المرحلة الحالية التي تعيشها البلاد.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.