أكّد الرئيس المدير العام لاتصالات تونس نزار بوقيلة في حوار خصّ به حقائق أون لاين أنّ الصفقة الاخيرة التي تمّ الظفر بها والمتعلقة بالمشغل المالطي "Go Malta " تتنزّل في إطار رؤية استراتجية تعود جذورها إلى سنة 2008 قصد التوسع والاشعاع على المستوى الدولي والاقليمي.
وأوضح بوقيلة أنّ هذا التمشي يندرج ضمن مقاربة تقوم على اقتصاد الحجم والسعة،مشددا على أنّه قد تمّ استيفاء كلّ المراحل الضرورية والقانونية قبل دخول سباق المنافسة على الصفقة التي تقدر تكلفتها بحوالي 195 مليون أورو عن طريق قرض بنكي لن تكون الدولة هي الضامن فيه وبفائض معقول على عكس ما تمّ الترويج له من قبل بعض المنتقدين.
صفقة تونسية 100 %
وقد مرت عملية دراسة الجدوى على العديد من الهياكل والمختصين من مجلس ادارة اتصالات تونس فاللجان الفنية بالوزارات المعنية وصولا إلى الحكومة التونسية التي أعطت الضوء الاخضر للمشاركة في المنافسة على شراء مساهمات في المشغل المالطي،فضلا عن كون أنّه تمّ عقد جلسة عامة في الغرض من قبل المؤسسة اتخذ فيها القرار النهائي بالموافقة.
بوقيلة قال ان المؤسسة تحصلت على جميع التراخيص من هياكل الدولة ومجلس الادارة والجلسة العامة،مبرزا أنّ الصفقة كانت تونسية خالصة حيث أنّ الشركة الإماراتية للاتصالات الشريك الاستراتيجي لاتصالات تونس لم يكن لها أي تأثير أو مشاركة على امتداد مراحل دراسة جدوى الصفقة تجنبا لتضارب المصالح بالنظر إلى أنّها بدورها شريكة في المشغل المالطي.
على صعيد آخر،تحدث نزار بوقيلة عن أهمية المنافسة والانفتاح على المحيط الخارجي الاقليمي بالنسبة لاتصالات تونس وأضاف أن شركة "غو مالطا" هي بمثابة مجموعة تمتلك فرعين بكل من اليونان وقبرص وهي ثاني مشغل للهاتف الجوال بمالطا، بعد "فودافون"، بنسبة 39 بالمائة مع استقطابها لنحو 400 ألف حريف في سوق الاتصالات و51 بالمائة من السوق المالطية في مجال خدمات الأنترنات، لافتا إلى أن المجموعة المالطية تحقق مرابيح سنوية تناهز 13.5 ملايين أورو فيما يبلغ رقم معاملاتها المجمعة 150.2 مليون أورو علاوة على ارتفاع عائداتها في الثلاثي الأول من سنة 2016، بحوالي7.2 بالمائة.
وتسعى اتصالات تونس من وراء هذه الصفقة، وفق نزار بوڤيلة، إلى الاستفادة من خبرات المجموعة المالطية في خدمات الجيل الرابع للهاتف الجوال والرفع من منافستها في ما يهم التطبيقات الجديدة وضمان مرابيح مطردة تمكنها من النمو وكسب المنافسة في سوق الاتصالات.
سوء فهم
ردّا عن سؤالنا حول موقفه من الجدل الذي صاحب خبر الاعلان عن الصفقة،قال بوقيلة ان اتصالات هي شركة كبيرة وفاعلة في الاقتصاد الوطني وهو ما يجعل المهتمين بالشأن العام يهتمون بها،مؤكدا على أهمية ان يكون النقاش بناء بخصوص الارقام والاحصائيات العلمية دون أن يحصل نزول في المستوى إلى التشويه والتشكيك والاتهامات الباطلة.
وأفاد أن الندوة الصحفية التي قام بعقدها كانت بهدف الاجابة على جميع استفسارات الصحفيين حيث بيّن ماذا حصل في العملية كما كان هو المبادر بطلب الذهاب لمجلس نواب الشعب للتوضيح والاجابة عن أسئلة السادة النواب،وفق تعبيره.
كما أضاف الرئيس المدير العام لاتصالات تونس أنّه بادر بالمطالبة بأن تكون جلسة الاستماع في مجلس نواب الشعب مفتوحة رغم أنّها في الاصل كانت مغلقة من أجل انارة الرأي العام لكي لا تكون هناك أشياء مغلوطة،بحسب قوله.
وقال بوقيلة: "لقد كان هناك سوء فهم نظرا لان الصفقة كانت كبيرة ولم تكن عادية ونحن في تونس لسنا متعودين على مثل هذه الصفقات وقد كان من اللازم تبسيط الامور لتجاوز سوء الفهم الحاصل وهو الناتج عن سوء الاطلاع على العديد من المفاهيم."
حقيقة العجز المالي
من جهة أخرى،شدّد نزار بوقيلة في حواره مع حقائق أون لاين على أنّ اتصالات تونس مؤسسة قوية ربحيّة وهي تلعب دورا طلائعيا في الاقتصاد الوطني مفيدا بأنّ المؤسسة حققت أرباحا خلال السنتين الفارطتين.
وحول حقيقة العجز المالي في سنة 2015،قال محدثنا ان المؤسسة لم تحقق خسائر على المستوى العملياتي غير أنّه بعد تسريح العديد من الاعوان الذين اختاروا المغادرة تمّ وضع احتياطي خلاص جرايات التقاعد لهؤلاء خلال السنوات القادمة وهو ما جعل النتيجة الاجمالية تكون سلبية.
العائق التشريعي
وفي ذات الحوار تحدث نزار بوقيلة عن وجود عوائق تشريعية تمثل حجر عثرة أمام ارادة الاصلاح والتطوير في المؤسسة من أجل تعزيز موقعها في خارطة المنافسة وطنيا،مشيرا إلى أنّ هناك مشروع قانون هو بصدد المناقشة مع الجامعة لاتصالات تونس بصفتها الطرف النقابي على قاعدة المقاربة التشاركية كما عرض على مجلس وزاري مضيق مؤخرا وهو سيحال لاحقا على أنظار مجلس نواب الشعب.هذا القانون المزمع سنّه لخلق آفاق للمؤسسة من أجل تطوير مواردها البشرية واستقطاب كفاءات أخرى في إطار حوكمة ناجعة.
ويذكر أنّ اتصالات تونس تشغل حاليا زهاء 7000 من الاعوان والموظفين.
بوابة افريقية وأوروبية
قال الرئيس المدير العام لاتصالات تونس نزار بوقيلة إنه سيكون هناك تبادل خبرات بين الطرفين المالطي والتونسي موضحاً ان اتصالات تونس مهتمة بخبرة "GO" في ما يتعلق بمجال محتوى الوسائط المتعددة (multimédia) ونظام الـ"cloud" وترغب في تطويرها في السوق التونسية وتوفير خدمات متطورة للمؤسسات والمهنيين التونسيين.
وأوضح بوقيلة ان هناك العديد من الخدمات الرقمية الجديدة التي تريد اتصالات تونس تطويرها مبيناً ان هذه الأخيرة بدورها لديها خبرة في عدة مجالات ستضيفها لشركة "GO" لتصبح أكثر فاعلية. وأكد ان اتصالات تونس ستعمل في درجة أولى على تقوية عملية الشراكة كي تصنع مع "GO" مجموعة فاعلة متكاملة تخلق قيمة مضافة مبيناً ان مالطا ستكون بوابة لأوروبا ولافريقيا نظراً لعلاقاتها القوية مع دول افريقية وخاصة ليبيا. وبيّن انه يمكن عبر هذه الأرضية لاتصالات تونس ان تدخل العديد من البلدان.
شراكة دائمة مع الطرف النقابي
من جهة أخرى، قال بوقيلة إن شركة اتصالات تونس قامت بنقاشات عدة ومتواصلة مع الطرف النقابي لتبيّن المشاكل العالقة وحلّها مؤكداً انه تمّ حلّ عدة مشكلات إلى جانب الاتفاق على خارطة طريق للمستقبل ولافتاً إلى ان زيارة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي كانت لإمضاء خارطة الطريق المذكورة. وأفاد أن النقاشات الآن تتمحور حول الإصلاحات مشدداً على أهمية جلوس الإدارة العامة والطرف الاجتماعي للحوار في إطار تشاركي للوصول إلى رؤية موحدة للإصلاحات وذلك ليكون تطبيقها تاماً. واعتبر ان الحوار بين الإدارة والطرف الاجتماعي ضروري في كافة الشركات كي لا يتعطل العمل ويتواصل التقدم والانتاج.
مؤسسة مواطنية
على صعيد آخر، أشار نزار بوقيلة إلى ان اتصالات تونس مؤسسة كبيرة ووطنية وهي تقوم بواجبها تجاه المجتمع كفاعل اقتصادي مؤكدا أهمية مساعدة المواطنين والاهتمام بالتونسيين كنوع من ردّ الجميل. ولفت إلى ان اتصالات تونس هي أول داعم للرياضة وللثقافة وهي تدعم العديد من المهرجانات مشيرا إلى انها أول شركاء مهرجان قرطاج الدولي، كما انها تقوم بحملة "نظافة الشاطئ" خصوصا مع دخول فصل الصيف. وأضاف ان الشركة قامت أيضا بإنجاز عدة مشاريع خاصة مع جمعيات مدنية في ما يتعلق بتوفير النقل للأطفال في المناطق المهمشة التي تبعد فيها المدرسة عن المنازل مفيدا بأنه تم في هذا الإطار توفير 200 موطن شغل خلال هذه العملية. وأبرز ان اتصالات تونس تشارك أيضا في مشروع بيئي يتمثل في غرس مليون شجرة في تونس مبينا انها تشارك أيضا في أعمال انسانية وخيرية.
المنافسة ضرورية..ولكن
وفي ما يتعلق بالمنافسة بين المشغلين في تونس، أشار محدثنا إلى وجود ضغط كبير في السوق مؤكدا في الآن ذاته ان المنافسة ضرورية وتحسن الخدمات مستدركا بالقول انه يجب الانتباه الى السوق كي لا تصبح الحرب مدمرة للقيم الأمر الذي ستنجرّ عنه عواقب وخيمة على المواطن وقد يكون لها أثر عكسي. وتابع موضحاً انه يجب ان تنبه اتصالات تونس حرفاءها مشدداً على ان حرب الأسعار لا يجب أن تتجاوز الحد المعقول كي يبقى المشغلون في صحة جيدة للاستثمار في المستقبل وفي خدمات مستقبلية وتقديم الجودة اللازمة للمواطنين. وبيّن ان تفاعل وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي مع اتصالات تونس إيجابي جدا لافتا إلى وجود رؤية مشتركة بين الشركة والوزارة لتحسين قطاع تكنولوجيا المعلومات في تونس لتحسينه خاصة في المناطق الداخلية. وأفاد بوقيلة بأنه تمت تغطية المناطق ذات الكثافة السكانية العالية بخدمات الجيل الرابع "4G" بشكل جيد وانطلقت اتصالات تونس في إيصال هذه الخدمة إلى المناطق الداخلية بشكل خاص معربا عن أمله في أن تتم تغطية كافة مناطق الجمهورية قبل موفى السنة الحالية.
نزار بوقيلة في سطور:
عيّن نزار بوقيلة رئيسا مديرا عاما لاتصالات تونس في أوت 2015 خلفاً لصالح جراية الذي استقال من منصبه نهاية شهر جوان 2015.
وقد شغل قبل قبل ذلك خطة المدير المركزي للتقنية صلب اتصالات تونس منذ سنة 2010.
وقبل التحاقه باتصالات تونس، أشرف نزار بوقيلة في مجمع "فرانس تيليكوم أورانج" على إدارات تنمية الأعمال، ووحدة الهاتف الجوّال وتطوير المنتوجــات والخدمات.
وتخرج نزار بوقيلة من معهد "POLYTECHNIQUE" بفرنسا، وهو يبلغ من العمر 45 سنة ومتزوج وأب لطفلين.
ويعدّ بوقيلة من الكفاءات التونسية الشابة.
