دخلت مشاورات مبادرة حكومة الوحدة الوطنية التي دعا إليها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، أسبوعها الرابع دون أن تحمل أي جديد يهمّ برنامجها أو هيكلتها باستثناء التوافق على تكوين لجنة من الخبراء تدرس جميع المقترحات التي قدمتها الأطراف المشاركة في المشاورات والمتعلّقة بأولويات الحكومة المذكورة.
حريّ بالإشارة إلى أن 9 أحزاب و 3 منظمات وطنية تشارك في الحوار حول حكومة الوحدة الوطنية وهي: حركة نداء تونس، حركة النهضة، حزب آفاق تونس، حزب الاتحاد الوطني الحرّ، حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، حزب المبادرة الوطنية الدستورية، حركة الشعب، الحزب الجمهوري، حركة مشروع تونس، الاتحاد العام التونسي للشغل، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
عرقلة وتأجيل…
وعلى الرغم من مرور أربعة أسابيع، لازالت المشاورات حول أولويات الحكومة المرتقبة وبرنامجها تراوح مكانها في ظلّ عديد المطبّات التي واجهت هذه النقاشات لعلّ أبرزها تأخر اجتماع اللجنة المكونة لبحث مقترحات الأحزاب والمنظمات وصياغتها في وثيقة أطلقت عليها تسمية "آليات تنفيذ الأولويات لحكومة الوحدة الوطنية المرتقبة"، والذي كان من المفترض أن ينعقد مساء يوم الأحد الفارط إلا أنه تأجل بسبب عدم تقديم اتحاد الشغل مقترحاته، قبل أن يقع الإعلان اليوم ان لجنة خبراء ستجتمع بعد غد الجمعة لتبحث مقترحات كافة الأطراف وتخرج بوثيقة يتفق عليها الجميع.
إلا أن هذه العرقلة وتأخير آجال الانتهاء من مشاورات حكومة الوحدة الوطنية، بعد أن أعلن السبسي أن استكمال المشاورات سيكون قبل عيد الفطر، قد يكونان أبسط التحديات التي تواجهها مبادرة رئيس الجمهورية.
فعلى الرغم من عدم الشروع في المناقشات المتعلّقة بالشخصية التي ستترأس الحكومة المقبلة، فإن هذه المسألة ستكون حساسة ومن الصعب أن يتمّ تداركها أو تجاوزها لتباين مواقف الأطراف المشاركة في المشاورات.
رئيس حكومة ندائي…
وقد علمت حقائق أون لاين أن المدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي قد جدّد خلال اجتماع اليوم الاربعاء بقصر قرطاج تأكيده على ضرورة أن يكون رئيس حكومة الوحدة الوطنية من النداء إلى جانب تجديد رفضه للإبقاء على رئيس الحكومة الحالي الحبيب الصيد.
هذا الموقف أعلنت حركة النهضة إثر اجتماع مكتبها التنفيذي الأحد الفارط عن مساندته. وقد أكد عضو المكتب التنفيذي للحركة العجمي الوريمي ان حزبه متمسك بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس نتائج الانتخابات وليس التطورات الحاصلة في واقع الأحزاب بعد ذلك.
وقال الوريمي، في تصريح لوات الاثنين الفارط، إن " نداء تونس ورئاسة الجمهورية هما المعنيان بدرجة أولى باقتراح وتكليف الشخصية التي ستقود الحكومة الجديدة .. ونحن سنناقش ذلك"، موضحا أنه لابد أن يكون لهذه الشخصية "بعد سياسي .. وحولها وفاق"، لضمان تحقيق الإصلاحات وتوفير الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والعمل على تجسيم الأولويات المتفق عليها خلال الحوار.
إلا أن عدّة أطراف مشاركة في مشاورات حكومة الوحدة الوطنية عبّرت عن رفضها لمثل هذا التمشي واعتبرته يدخل في إطار سياسة المحاصصة الحزبية.
رفض لسياسة المحاصصة الحزبية…
وفي هذا السياق، بيّن الأمين العام العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لحقائق أون لاين، انه إذا أراد نداء تونس أن يكون رئيس الحكومة منه وأرادت النهضة أن تحصل على حقائب وزارية حسب تمثيلها الانتخابي فهذا الأمر يهمّهم ويمكنهم أن يجتمعوا كرباعي حاكم ويتفقوا على ذلك، حسب قوله.
وأكد المغزاوي ان حزبه ليس معنياً بهذا الأمر وانه في تلك الحالة لن تكون حكومة وحدة وطنية التي قال إنها تستوجب أن تكون كلّ الأطراف الجالسة على مائدة الحوار وتناقشها متمتعة بنفس الحظوظ والرؤية والمسافة.
وأضاف انه إذا جاء الرباعي الحاكم وأراد أن يجلس ويتعامل مع الآخرين على أساس امتيازات يمتلكها فهذا الأمر مرفوض.
وشدّد على انه لا يرفض نتائج الانتخابات ولكن فرض شروط مسبقة على طاولة مشاورات حكومة الوحدة الوطنية غير سليم مفيداً بأنه لم يتمّ طرح هذه المسألة على النقاش في اجتماع اليوم إلا أنه تمّ التأكيد على أن المحاصصة مرفوضة وأن منطق كلّ طرف حسب حجمه وفق نتائج الانتخابات مرفوض وان فرض ان يكون رئيس الحكومة من هذا الحزب أو ذاك مرفوض، على حدّ تعبيره.
وأشار في الآن ذاته إلى انه كان هناك كذلك تأكيد على أن الجميع يحترم نتائج الانتخابات.
وفي الإطار ذاته، كان الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي قد علّق على موقف حركة النهضة يوم الاثنين الفارط بالقول انه لا جدوى من إضاعة الوقت في المشاورات في حال اتفقت أحزاب الائتلاف الحاكم على "انتهاج سياسة المحاصصة الحزبية" في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وأضاف العباسي في حديث مع القناة الوطنية الأولى يوم الاثنين الفارط ان لا موجب لمبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم على المحاصصة.
وأمام هذا التباين في الرؤى بين مختلف الفعاليات المشاركة في حوار حكومة الوحدة الوطنية، إلى جانب انتمائها لتيارات سياسية وفكرية مختلفة، قد يدفع باستمرار المشاورات المتعلّقة ببرنامج هذه الحكومة في درجة أولى ومن ثمّ بهيكلتها، إلى أجل غير مسمّى، علماً وان بعض الأطراف قد اقترحت أن يكون يوم 25 جويلية 2016 موعد الإعلان عن تشكيلتها، في حين تسعى أطراف اخرى إلى التسريع في الإعلان عنها.
غير ان اختلاف المواقف بين الأحزاب والمنظمات يرجّح كفّة أن يقع التأجيل في تشكيل الحكومة والإعلان عنها ومواصلة اللقاءات بحثاً عن "توافقات" ترضي جميع الأطراف وخاصة حركة النهضة واتحاد الشغل، واللذان يعتبر رئيس الجمهورية أنهما الأكثر تأثيراً نظراً لحجميهما وللأدوار التي لعباها خلال السنوات الماضية إلى جانب إصراره على تشريك المنظمة الشغيلة في مشاورات تكوين حكومة الوحدة الوطنية.