المنصف وناس: لسنا مجتمعات متخلفة ولكننا مجتمعات غير مدروسة

لازالت الظاهرة الإرهابية وقضية التطرف لدى الشباب التونسي تثير الكثير من الحبر وتفتح المجال أمام عديد التأويلات والنظريات التي تحاول تفسيرها علّها تفهم مختلف جوانبها وتحيط بها، وذلك رغم غياب دراسات وبحوث عميقة تلمس أغوار هذه الظاهرة.

وفي هذا السياق، كان لحقائق أو لاين لقاء مع الأستاذ الجامعي وصاحب كتاب "الشخصية التونسية" المنصف وناس الذي تحدّث عن "أزمة مجتمع ولّدت التطرف والتكفير".

وفي ما يلي نصّ الحوار:

هل من الممكن أن يؤدي تهميش العلوم الإنسانية والاجتماعية والآداب في المنظومة التربوية إلى توليد التطرف لدى الشباب التونسي؟

لا يفضي تهميش العلوم الإنسانية بشكل مباشر إلى ظهور التكفير والإرهاب والتطرف، تهميشها ليس له علاقة مباشرة بذلك ولكنه يخلق بيئة غير متفهمة لمشكلة العنف والتطرف.

ولكن البعض يعتبر ان تهميش هذه المواد ومنها على سبيل المثال التاريخ حيث يغيّب مفهوم الهوية الوطنية قد يساهم في خلق التطرف؟

لا يجب أن نذهب إلى حد المبالغة والقول إن تاريخ تونس غير موجود، هو موجود ولكن الفرق انه لا يقع تفسيره بما فيه الكفاية للناشئة والشباب. فقيمة العلوم الإنسانية تتمثل في كونها تعطي فرصة حقيقية للباحثين لفهم مشاكل المجتمع. ومثلما يقول جاك بيرك "نحن مجتمعات غير متخلفة ولكنها غير مدروسة". وهذه فكرة صحيحة. نحن إلى حد كبير لا نعرف إلى الآن مشاكل مجتمعاتنا ولا أزماته ولا الصعوبات التي يمر بها الآن وهذا يشكل مصدرا كبيرا للمشاكل. من المفترض أن العلوم الإنسانية تفهم مشكلات المجتمع وكيفية التعامل معها.

كيف يمكن تفسير أن غالبية المنتمين للتيار السلفي "الجهادي" هم من اختصاصات علمية؟

يمكن تفسيرها بأن أصحاب الاختصاصات العلمية أكثر نجاعة وقدرة على التحرك من أصحاب العلوم الانسانية. وقد لمسنا هذا الأمر في كثير من المناسبات واللقاءات، وهو أمر لافت للانتباه. ولكن أعتقد أنها ظاهرة مجتمعية ليست مرتبطة بالاختصاص العلمي فقط، اليوم التكفير والتطرف ظاهرة اجتماعية تدلّ على أزمة المجتمع، وهو مجتمع صعب ومأزوم وفيه تعقيدات كثيرة لا بدّ من العمل على تحليلها وفهمها.

ألا توافقون من يتبنى مقولة إن المنظومة التربوية هي من أحد أهم الأسباب المولّدة للتطرف؟

المنظومة التربوية هي مستوى من مستويات هذه الأزمة. اليوم يمرّ المجتمع التونسي بمرحلة انتقالية جديد فيها عدم استقرار وعدم تنظّم وميل إلى أشكال غريبة من التعبير. وجميع المراحل الانتقالية في العالم تمرّ بأزمات كبيرة وتعيش فترات من الارتباك والتوتر والقلق. لم يعرف أي مجتمع فترة انتقالية دون تأثر، لأنه في المراحل الانتقالية هناك تغيير لنظام مجتمعي كان سائدا لفترات ولعقود من الزمن، واستبدال لنظام قيمي معيّن بنظام جديد. وهناك فئات كثيرة لا تحسن التموقع في الفترات الانتقالية وتجد صعوبة في ذلك فتلجأ إلى التعبيرات العنيفة مثل العنف والاغتيال وتصفية الحسابات، إلخ. فرنسا وروسيا عرفتا ذلك بشكل كبير وكذلك بريطانيا إبان الثورة الديمقراطية البريطانية وحتى إيران بعد ثورتها في 1979 عرفت كل هذه الاضطرابات.

البعض يقول إن جلّ الإرهابيين من أبناء مدرسة بن علي، ما هو تعليقكم على ذلك؟

هذا الأمر هو جزء بسيط من الأزمة. فهي أزمة ستين سنة من الاستقلال ومن الخيارات غير الصائبة ومن النتائج المتوترة. 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.