الإعلامي الفرنسي آلان غراش: لدينا انطباع بأنّ هناك جمودا خطيرا جدا في تونس ( حوار )

نظّم موقع "أوريون 21" مؤخرا بأحد النزل في تونس العاصمة ندوة تناولت الممارسات الصحفية في شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، حضر فيها صحفيون تونسيون وفرنسيون وإسبانيون وجزائريون إلى جانب صحفي مغربي.

وقد التقت حقائق أون لاين على هامش هذه الندوة مع رئيس تحرير موقع  "أوريون 21" ورئيس التحرير السابق لصحيفة لوموند ديبلوماتيك آلان غراش، الذي تحدث عن الثورة التونسية والتغييرات التي أحدثتها اقليميا على وجه الخصوص، إلى جانب ظهور حركات الإسلام السياسي كقوة فاعلة في المجتمعات العربية.

كما تطرّق غراش إلى تحالف حركتي النهضة ونداء تونس، فضلاً عن علاقة لوبيات المال والأجندات السياسية بالإعلام وتأثيرها على استقلاليته.

وفي ما يلي نصّ الحوار الذي ينطوي في تضاعيف متنه على رؤية اعلامي غربي مخضرم للتجربة التونسية الوليدة:

كيف تقيمون التجربة التونسية بعد ثورة 17 ديسمبر 2010- 14 جانفي 2011؟

الثورة التونسية هي التي أطلقت كلّ ما حصل في العالم العربي وهي التي أوجدت الوعي بأن التغيير ممكن. صحيح انه في البداية كان هناك نوع من التفاؤل المبالغ فيه من خلال الاعتقاد بأن كلّ شيء سيتغيّر بسرعة، ولكن ما سيبقى هو انه رغم التجاذبات والصراعات السياسية الصعبة أحياناً تمّ إنتاج نوع من الإجماع أسميه "تسوية تاريخية" اتفقت بموجبه كافة القوى السياسية فيما بينها على الإطار الذي ستقوم داخله بالعمل السياسي. إلا أن السؤال الكبير الذي لم يتمّ التطرّق إليه بعد هو المسألة الاقتصادية والاجتماعية والتي تقلّل السلطة الحالية من قيمتها رغم أنها مسألة خطيرة جداً حيث أنها قد تغذي نوعاً من عدم الاستقرار، فالفقر والبطالة وانسداد الآفاق بالنسبة للشباب، إلخ، كلّها أمور تغذي عدم الاستقرار.

كذلك من الجوانب السلبية لهذه "التسوية التاريخية" غياب قوة تمثل الشباب التونسي باستثناء الجبهة الشعبية نسبيا والمجموعات المتطرفة.

الثورات العربية ساهمت في ظهور التيارات الإسلامية، ما هو رأيكم في الإسلام السياسي بشكل عام وحركة النهضة بشكل خاص؟

الثورات العربية أظهرت ان حركات الإسلام السياسي تمثل قوة هامة جداً، وهذا أمر رأيناه في كلّ من فلسطين ومصر وتونس خلال انتخابات حرّة، حيث أنها تمثل ما بين 30 و40 بالمائة من السكان، التحدي هنا هو هل نحن قادرون على إدخال هذه القوة في إطار السياسة كالانتخابات الحرة وغيرها أم لا، وهذا الأمر مرتبط بالعمل السياسي. ولكن أعتقد أنه إذا ما قمنا بمقارنة بين مصر وتونس فسنجد ان احد مميزات المثال التونسي هو إجبار حركة النهضة نوعاً ما من خلال التحركات الاحتجاجية والنسائية على الانخراط في هذا المسار الذي لم ينته بالنسبة إليها.

حركة النهضة مقبلة على مؤتمرها العاشر الذي يترقبه الجميع. هل تعتقدون أنها ستواصل السير في نفس المسار؟

ممّا لا شكّ فيه ان هذا المسار أحدث صراعات صلب النهضة، ويجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار لأن الاعتدال وتحالف النهضة وحركة نداء تونس خلقا بطريقة ما فضاء في يمين النهضة يدفع الشباب للاتجاه نحو المجموعات السلفية "الجهادية". ولكن أعتبر ان قرار فصل السياسي عن الدعوي سيكون خطوة هامة الى الأمام.

بالحديث عن النهضة-النداء، كيف تقيّمون تحالف الحركتين؟

كان من الممكن أن يؤدي هذا التحالف إلى استقرار الأوضاع والانطلاق في الإصلاحات الاقتصادية بحكومة قوية نوعاً ما، ولكن للأسف ليس هذا ما نشهده، فنداء تونس دخل في أزمة لأن الأمر الوحيد الذي كان يجمع قيادات النداء هو معارضة النهضة وبالتالي مشاركة هذه الأخيرة في الحكم سبّبت مشاكل داخلية لحركة نداء تونس. نحن لا نرى اليوم حكومة قادرة على اتخاذ قرارات وإجراء إصلاحات، ولدينا انطباع بأن هناك جموداً خطيراً جداً.

هل من الممكن إيجاد معادلة في ظلّ سيطرة لوبيات المال والأجندات السياسية للحفاظ على استقلالية وسائل الإعلام ومهنيتها وموضوعيتها؟

هذا الأمر مطروح في كافة الدول بما فيها فرنسا، ولكن الفرق انه في فرنسا هناك تقليد قديم في ما يتعلّق باستقلالية الإعلام ولكنه مطروح أيضاً حيث أن معظم الصحف وكذلك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة يسيطر عليها رجال أعمال باستثناء تلك التابعة للدولة. هناك مشكلة فعلية. وفي تونس يوجد عنصر إضافي يتمثل في ضعف التجربة الصحفية رغم الحرية المتوفرة والتي هي حرية كبيرة تفوق تلك الموجودة في مصر حالياً. ولكن وسائل الإعلام التونسية العمومية لم يتمّ إصلاحها كما يجب، ولو تمّ ذلك لكانت مثالاً تحتذي به وسائل الإعلام الأخرى.

في ما يتعلق بتجربة الإعلام الفرنسي في التعامل مع الإرهاب، هل هناك من ضوابط أو خطوط حمر تهمّ حقوق الإنسان أو الأمن القومي، إلخ؟

الإعلام الفرنسي يتحدث عن ذلك خلال تغطيته للأحداث الإرهابية في تونس، وفي مصر مثلاً الحكومة الفرنسية تجامل النظام المصري ولكن الإعلام الفرنسي ينتقده بشدة ويتطرق إلى انتهاكات حقوق الإنسان.إلا أنه يوجد جدل حول ما يمكن وما لا يمكن قوله. أعتقد أنه منذ 2001، تاريخ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على الإرهاب، أصبح هناك آلة كاملة للحرب ضدّ الإعلام الحرّ والمستقلّ الذي لا يساعد الإرهاب بل يساند المجتمع المدني.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.