سعيد شامخ: عندما يهزم التاريخ الجغرافيا

بشموخ كبير يخوض سعيد شامخ حربه هذه الأيّام بمعيّة واحد و خمسين من رفاقه أو من عُرفوا ب"مجموعة 52" و كلّهم إصرار على مطلبهم الرّئيسي و الدّائم المتمثل في ضرورة تشغيلهم بعد الإتفاق الحاصل بين رئاسة الحكومة و وزارة التربية و الذي ينصّ على إنتداب المفروزين أمنيّا من نشطاء الإتحاد العام لطلبة تونس سابقا.

وجدير بالذّكر أنّ هؤلاء المعطّلين عن العمل تمّ فرزهم أمنيّا في عهد بن علي معاقبة لهم على تحرّكاتهم الطلابية الحثيثة و تمّ حرمانهم من الإنتداب في الوظيفة العموميّة على قاعدة ما يُؤكّده بحثهم الأمني أو ما يعرف بالبطاقة عدد 2.

وقد تخرّج الشّامخ من الجامعة التّونسية منذ سبع سنوات متحصّلا على شهادة الأستاذيّة في الجغرافيا. لكن من الغرائب أن تاريخه النّاصع و موقفه الرّصين المعادي للعمالة و الإستبداد عندما كان ناشطا بالإتحاد العام لطلبة تونس هو الذي حكم عليه بعدم إيجاد فرصة التّشغيل لاحقا و حتّى بعد الثورة التي كانت لهم فيها مساهمة بارزة . و الجميع يعلم أنّ أوّل مطالب هذا الحراك الذي أطاح ببن علي هو التشغيل.

يأتي سعيد شامخ من مدنين ليعلن شوطا جديدا من رحلة الإعتصامات التي ألفها و ألفته كثيرا. فهو قد خاض منذ ثلاثة أشهر معركة الأمعاء الخاوية التي إنتهت بإعلان رئاسة الحكومة إنتدابهم بالتّنسيق مع وزارة التربية في الثّامن عشر من جانفي الماضي.

لكن ولأنّ حكومة الصّيد أخلفت وعدها و أخلّت بالتزامها تجاههم فقد عادوا إلى التحرّكات مجددا بخوضهم لإضراب جوع تواصل على امتداد ثلاثة وثلاثين يوما بمقرّ الرّابطة التونسية لحقوق الإنسان.

سعيد شامخ إسم على مُسمّى لكلّ من يعرفه . ذلك المدنيني الذي بلغ عقده الرّابع لا يطلب إلّا أن تساهم الحكومة في المحافظة على إبتسامته التي لا تفارق محيّاه رغم مصاعب الحياة التي يكابدها.

أسمر سمرة رمال الصّحراء..شامخ شموخ العلم التّونسي..وهو المثقّف المهذّب التي تعرفه كلّ السّاحات النقابية و أغلب المحطّات النضالية طيلة فترة الجامعة وبعدها.

أكمل دراسته الجامعيّة رغم الظروف التي مرّ بها منها إنقطاعه خلال فترتين عن الدّراسة بعد وفاة الوالد في 2006 و الوالدة في 2008. لكنّه عاد و واصل وأحرز على الأستاذية ثم سجّل في مرحلة الماجستير.

منذ ذلك التّاريخ لا يتذكّر سعيد أنّه وقف يوما واحدا ليأخذ قسطا من الرّاحة. فبعد أن أصبح "أستاذا معطّلا" كما يصف نفسه كان عليه أن يجد أيّ شغل ليوفّر حاجياته و حاجيات العائلة التي تركها في الجنوب و جاء إلى العاصمة باحثا عن العمل.

بشموخ يذكر سعيد شامخ أنّه إضطر إلى الإشتغال في عديد الميادين من "البناء" إلى "التجارة" و غيرها حتّى يقاوم الخصاصة التي يفرضها النّسق اليومي للحياة.

يقضّي سعيد يومه هذه الفترة في شوارع تونس مع جميع رفاقه من المعتصمين و المساندين يتحدّثون عن ملفّهم الحارق "التّشغيل و لا غيره". يتحرّكون في كلّ الأماكن و السّاحات لتحقيق الحلم المُستحقّ…لتذكير الحبيب الصّيد و حكومته بقراره بخصوص وضعيّتهم.

سعيد شامخ "جبل المحامل" كما يعرفه الجميع يبتسم مردّدا "سننتصر…سننتصر".

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.