بعد 5 سنوات: الثورة التونسية تشق طريقها الشائك بثبات ..رغم الخيبات

بعد خمس سنوات من الثورة التونسية التي عرفت منعرجا هاما في 14 جانفي 2011 حينما تمت الاطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي ، اثر موجة من الاحتجاجات الشعبية التي كانت بمثابة الشرارة لكل الثورات العربية الاخرى في مصر وليبيا وسوريا واليمن، هل يرى المواطن التونسي أن الثورة حققت أهدافها التي كان التونسيون ينتظرونها بعد سقوط  نظام بن علي؟ وهل الحرية والديمقراطية والعدالة الانتقالية والعيش الكريم وكل الشعارات التي رفعت وقتها أصبحت اليوم واقعا ملموسا يعيشه التونسيون ؟.. أسئلة طرحناها على عدد من المواطنين التونسيين أثناء مواكبة لاحتفالية الذكرى الخامسة للثورة التونسية والتي أقيمت بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة بحضور شعبي كبير وحماية أمنية طوقـت المكـان خـوفا مـن وقـوع أي اعتداءات ، خاصة في ظل التهديدات التي تطلقها الجماعات المتطرفة في كل مناسبة. 

ذكرى سنوية وأزمة سياسية

صبيحة الذكرى الخامسة للثورة التونسية تأتي وتونس تعيش أزمة سياسية متفاقمة خاصة بعد اعلان 22 نائبا من حـزب نداء تونس الليبرالي الحاكم استقالتهم بعد نيل حكومة الحبيب الصيد الثانية ثقتها من البرلمان وتحول موازين القوى في مجلس نواب الشعب لفائدة حزب حركة النهضة ذات التوجهات الاسلامية والذي سيلقي بظلاله على المشهد السياسي التونسي وقد ينعكس على أداء الحكومة في قادم الاشهر في ظل تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية صعبة.

أهالي الشهداء أبرز الحاضرين

 استياء وتذمر من بعض الحضور رافقته دموع أهالي الشهداء الذين تواجدوا لإحياء ذكرى الثورة؛ في حين كانت هتافات تصدر من دخل المنصات المطوقة برجال الأمن تدعم استمرار الثورة وتثني على ما قدمته للمواطن التونسي من حرية وعدالة مطالبة في الوقت نفسه باحترام دماء الشهداء الذين سقطوا من أجل تونس إبان الثورة.
 

الدولة في خطر

في هذا السياق قال المواطن خالد بن سعيد إن الثورة لم تقدم الا الخراب والدمار وجوعت الشعب التونسي؛ وأضاف بن سعيد "رسالتي للمسؤولين أن ينتبهوا للدولة وينتبهوا للشعب الفقير والمناطق الداخلية ويهتموا بالسياحة حتى ترجع الثروة الاقتصادية للبلاد" وذكر بن سعيد أن عهد بن علي كان فيه المواطن في أمان وكانت المشاريع الاقتصادية قائمة والمشاريع لا تأتي الا بوجود الأمن حسب قوله.

تفاؤل وأمل

من جهتها قالت مليكة – مواطنة تونسية أصيلة ولاية القبلي في الجنوب التونسي الذي يشكو من تهميش تنموي – "إن فرحتنا بالثورة كبيرة ونفتخر بها ويارب احم تونس من كل شيء وان شاء الله كلنا اخوة ولا فرق بيننا".

وأضافت مليكة "لقد مللنا من الكلمات والشعارات الفارغة والكلام الذي يبقى مجرد حبر على ورق .ارجوكم يا مسؤولين اخدموا تونس وكل من لديه حق اعطوه حقه سواء جريح ثورة او كل من قدم نفسه من اجل تونس".

هاجس التشغيل

 "لم يتغير الوضع بعد الثورة وكنا نعتقد ان الثورة في مصلحة الشعب التونسي ومصلحة الجميع لكن وجدنا أنها مضرة للشعب التونسي"؛ هكذا بدأت حنين كلماتها في ذكرى الثورة.
وحذرت حنين من ازدياد الفوضى والهمجية والفساد والرشوة مضيفة " ورسالتي للحكومة التونسية أن توفر فرص عمل للشباب التونسي الباحث عن العمل والقضاء على البطالة".
 

الثورة مستمرة

بثقة وتفاؤل قال أحد المواطنين "إن الثورة خلقت تجاذبات واظهرت الجميع على حقيقته وظهر المنافق والانتهازي والثوري ولكن المواطن التونسي مازلنا نتوقع منه الكثير والثورة مستمرة ومتواصلة".
 وفي معرض حديثه عن عهد بن علي ورده على من يصفه بالعهد الآمن قال المواطن "إن الأمن في عهد بن علي كان لحماية محيط النظام فقط والامن كان مزيفا وممنهجا مع التعسف؛ والاعلام كان موجها ومسيطرا عليه ويخفي الحقائق؛ اما الان فقد  ظهر كل شيء على حقيقته وهناك اشخاص انتهزوا الفرص واستغلوا الثورة وان شاء الله تتحسن الظروف وتسير تونس نحو الأفضل".

عين على المستقبل

وفي نفس السياق تحدث محمد زروق قائلا: "الشهداء رحمة الله عليهم .. وان شاء الله المستقبل أفضل ومن مجلس الشعب لم نر شيئا ونتمنى أن يقدموا شيئا للمواطن، ومع كل ما نراه الا أن لنا الثقة بأن القادم سيكون أفضل" .
 

شطط في الحرية

محمد الدامي مواطن تونسي وهو عون أمن متقاعد يرى "بأن الحرية أصبح مبالغاً فيها"، وأضاف دامي "ذهبت عصابة وجاءت عصابة أخرى  ولم يحقق شيء للمواطن التونسي ولم نر الا مجرد كلام وحرية مبالغا فيها وهذا لن يجلب لتونس شيئا سواء اقتصاديا او اجتماعيا ولن يتحقق شيء في تونس ونحن هكذا؛ لابد أن يرجع الانضباط في العمل وفي المدرسة وفي البيت".
وأكد الدامي "أن الوطن يريد رجالا .وبالمخدرات التي انتشرت بين شبابنا لن تترك لنا رجالا يتحملون المسؤولية والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

مخاض عسير

في المحصلة يمكن القول ان بعض الأراء كانت متباينة ومختلفة كاختلاف المجتمع التونسي وتنوعه السياسي والفكري، ولئن كان هناك نوع من الشعور بالخيبة وعدم الرضا التام على التجربة التونسية الى حد الآن رغم فرادتها ونجاحها في الحفاظ على سلمية المسار ومدنيته  من خلال انجاز انتخابات ديمقراطية وشفافة وتحقيق التداول السلمي على السلطة وسن دستور تقدمي يستجيب الى حد ما للشعارات التي رفعت في الثورة، فإن تونس مازالت تعيش على وقع مخاض عسير قد يفضي بعد هزات وتقلبات وانكسارات وانتصارات الى تحقيق انجازات عميقة وكبيرة تستجيب لتطلعات الشارع التونسي الذي من الواضح إن سقف انتظاراته كان ومازال عالياً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عبير اليسيري: صحفية ليبية

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.