الذاكرة السياسية: القصّة الكاملة لتعيين خميس الجهيناوي بمكتب الاتصال التونسي في تل أبيب سنة 1996

لاقى التحوير الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الحبيب الصيد والأسماء الجديدة المعينة، ردود فعل متباينة منها المرحبة بالاسماء الجديدة ومنها المنددة والرافضة.

وقد نالت تسمية خميس الجهيناوي على رأس وزارة الخارجية النصيب الأكبر من الانتقادات والتّهم التي وجّهت للوزير الجديد ولعلّ الخطة التي تقلدها بمكتب الاتصال التونسي-الاسرائيلي بتل أبيب، هي التي جلبت للرجل سيلا كبيرا من الاتهامات والانتقادات.

وفي هذا الإطار، اتصلت حقائق أون لاين بالدبلوماسي ووزير الخارجية سابقا، أحمد ونيس الذي كان زمن ارسال الجهيناوي إلى تل ابيب، يشغل خطة مدير عام مكلف بالشؤون الامريكية والآسيوية بوزارة الخارجية، حيث عاد بنا إلى بداية مفاوضات السلام مع جميع الأطراف العربية ومع اسرائيل بإشراف 5 قوى عظمى وهي الولايات المتحدة الامريكية، والاتحاد الاوروبي وروسيا وكندا واليابان.

وبيّن أحمد ونيس أن القيادة الفلسطينية حينها كانت متمركزة في تونس وقد طلب الزعيم ياسر عرفات من تونس بإلحاح أن تفتح تمثيلية ديبلوماسية لها في غزة أو رام الله، مؤكدا أن الدول التي ساندته ايام "الغصرة" هي تونس والمملكة المغربية،وفق إفادة ونيّس.  

وواصل أحمد ونيس قائلا انه من شروط فتح مكتب قائم بالأعمال في فلسطين أن يتم فعل نفس الشيء مع الدولة المحتلة اسرائيل، مضيفا انه من السهل تعيين ديبلوماسي تونسي في فلسطين، لكن من الصعب تعيين ديبلوماسي في تل أبيب.

وقال محدثنا، إن الاختيار كان صعبا لتعيين قائم بالاعمال في اسرائيل، لان من سيتم تعيينه يجب ان يتميز "بالحركية اللازمة وبالخصال الديبلوماسية والذكاء والضمير والتجربة.." وأن يكون هناك اطمئنان لهذه الشخصية لأنها ستكون في الواجهة.

وقد تم الانتهاء وفق أحمد ونيس، إلى ثلاثة اسماء، بينهم خميس الجهيناوي الذي كان حينها يعمل بالسفارة التونسية في دولة كوريا الجنوبية، قائلا: "أنا من اقترحت الجهيناوي في خطة مدير مكتب الاتصال التونسي في إسرائيل لأنه وطني ومخلص ويتميز بالاعتدال النفسي ويجمع بين الشباب والنضج السياسي".

وقال ونيس إنه تحدث الى خميس الجهيناوي، وكشف له عن المهمة الجديدة وقال له "هكا تبعثني في واجهة الحرب، هل تضمن لي أن أنجح ؟.." فرد عليه ونيس قائلا: أنا لا أضمن لك شيئا.. يمكن أن تنجح ويمكن أن تخيب..".

وعند اغتيال رئيس الحكومة الاسرائيلية اسحاق رابين من طرف الاسرائيليين قال ونيس "فهمنا اننا دخلنا في منعرج خطير لأن مسار السلام لن ينجح مع أشخاص طبيعتهم الغدر، فتمّ إعلام الجهيناوي بضرورة عودته إلى تونس".  

وعن مهمة خميس الجهيناوي اليوم في وزارة الخارجية، قال ونيس ان الجهيناوي مثلما كان في محنة عندما عمل في تل ابيب هو اليوم في محنة أيضا، ليخرج السياسة الخارجية التونسية من مأزق صعب، مؤكدا أن الجهيناوي لديه من الخصال والخبرة والصبر ما يؤهله للتغلب على هذه الصعاب، وليس لديه شك في أنه سينجح..، وفق تعبيره.

وقال إن الجهيناوي يتمتع بالنضج السياسي وتعيينه على رأس الخارجية جاء في أوانه.

ويذكر أنّ تطبيع العلاقة بين تونس و دولة الاحتلال الاسرائيلي كان مثار جدل كبير في الأوساط السياسية التونسية خلال عهد الرئيس بن علي لاسيما حينما قام هذا الاخير بدعوة اريال شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي لحضور القمة العالمية لمجتمع المعلومات في تونس سنة 2005 والتي كانت من بين العوامل التي دفعت المعارضة إلى تنسيق تحركاتها وتنظيم اضراب جوع جماعي من قيادات حزبية ومدنية من المعارضة التي ستشكل ما عرف بهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وقد جمعت الاسلاميين والعلمانيين الديمقراطيين.

ونشير إلى ان الجهيناوي عمل في إسرائيل كممثل للدولة التونسية  بين 1996 و1998.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.