آمال القرامي المثقفة.. وتهديد أمن مصر القومي !

عودة لم تكن مفاجئة لتصرفات توقع الكثيرون أن أجهزة الأمن في مصر ترفعت عنها بعد أن استعملتها طويلا زمن حكم حسني مبارك ولم تنجح في إنقاذ النظام وحمايته بل ساهمت في إغراقه أكثر فأكثر بدوامة المعارك الوهمية والقرارات الخاطئة التي أسرعت بانهياره.

مكتبة الإسكندرية واحدة من عمالقة الثقافة في العالم وجهت دعوة للمثقفة التونسية والأكاديمية والكاتبة أمال القرامي لزيارتها وبالتأكيد عبر السفارة المصرية في تونس التي تنسق مثل هذه الدعوات للمثقفين الحداثيين الذين يتصدون بشجاعة للفكر المتطرف وللجماعات السلفية وتدعى لتقديم محاضرة حول "تقييم مناهج البحث في التطرف والإرهاب: الحصيلة والمقترحات". 

الموقف العجيب للسلطات المصرية بترحيل المثقفة أمال القرامي من مطار القاهرة وبطريقة فيها الكثير من عدم الاحترام يعيد للأذهان تفاصيل مرحلة عاشتها مصر كان فيها منهج حصار الرئيس الذي أنتجه عقل وزراء مبارك زكريا عزمي وصفوت الشريف حيث الدولة يسيرها رئيس محاصر وراء البواب المغلقة ويرى العالم بتقارير لا تقترب من الواقع بشيء وتطحنها صراعات الأجهزة والبحث عن النفوذ وإظهار البطولات الفارغة أمام أعلى هرم السلطة في تكرار لصياغات فاشلة من تلاميذ فاشلين نتائجها سيئة على مصر وغيرها من الدول التي سارت بنفس الفكرة والمنهج.

كيف يمكن لباحثة في شؤون التطرف والجماعات الإرهابية أن تشكل تهديداً للأمن القومي لمصر سؤال يستحق الوقف أمامه بتمعن. مصر التي فتحت عليها أبواب جهنم بعد أن سقط نظام الإخوان الراعي للإرهاب والمتحالف معه اختارت أن يكون التعامل والرد عليه بنفس لغته بالقوة التي تقضي عليه وتدمره لكن هذه القوة أو ما يسمى بالخيار الأمني لم يستطع أبداً القضاء على الإرهاب لأن مصانع تفريخ الإرهابيين مازالت تعمل بكل قوة ونجاح عبر ثقافة التكفير والتجهيل التي انتشرت في المجتمعات وأولها المجتمع المصري.

الأمن الذي امتلك قوة مواجهة الإرهاب والتصدي له لم يستطع أن يواجه فكره الدموي القاتل وانتشاره في مجتمعاتنا لأن المساحة التي منحت لهم على امتداد سنوات من التهاون مكنتهم من خلق قاعدة لهذا الفكر تحتاج مواجهته قاعدة ثقافيه تشكل أساس التصدي له وليس قوائم مثقفين تسطرها تقارير أمنية بالمنع والترحيل لأن بعض ما كتبه لم يرض أصحاب التفتيش في العقول عن فواصل الولاءات الغبية.

مصر ارتكبت عبر جهاز أمنها خطأ وخطيئة بعداء المثقفين خط المواجهة الأول ضد فكر الإرهاب وأول من فكك منظوماته وواجهها بعد أن انهارت الحكومات والدول التي اجتاحها الإسلام السياسي ولولا وقفة تفوق شجاعة الكثيرين وبصدور عارية قادتها نخبة مثقفة ودون حسابات ضيقة لكان فكر الجهل والتطرف أسس على أرض الواقع مشروع إمارته الدموية التكفيرية كما فعل في العراق وسوريا وليبيا بعد انهيار الدولة.

أمال القرامي المطرودة من أرض الكنانة لم تحمل معها سوى فكرها الحداثي المواجه للتكفير والتطرف وربما ضاق صدر من لم يفهموا أنهم لن يهزموا الإرهاب بمفردهم وما حمله فكر المثقفين الذين في لحظة ارتداد الأمن أمام فكر التطرف هم من أعاد الثقة للدول ومؤسساتها لمواجهة التطرف وهزيمته. 

كيف لمصر الثقافة أن ترتد أمام محاولة إسكات المثقفين وتجفيف أقلامهم وهل سيكون لهذا المنع والترحيل من مكاسب تحصد نتائجها سريعاً في الحرب على الإرهاب ؟

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.