من فحوص الشرج إلى قرار الإبعاد: تجاوز لمبادئ القانون.. وانتهاك لإنسانية المتهم

أثار الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بالقيروان ضدّ ستة شبان اتهموا بالمثلية الجنسية، والمتمثل في سجنهم 3 سنوات ومنعهم من دخول القيروان، جدلاً كبيراً، نتجت عنه حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي لاستنكار هذه الأحكام التي يصفها البعض بـ"المتخلفة" وغير المتماشية مع الدستور الجديد وما يتضمّنه من نصوص ضامنة للحرية الشخصية.

ويعتبر العديد من النشطاء ان هذه القضية، وقضايا أخرى تتعلّق بالقانون 52، أو ما يعرف بقانون "الزطلة"، والزنا وغيرهما، في حاجة إلى مراجعة قانونية لكونها لا تتماشى مع الدستور ولا مع العصر وتقوم على أحكام تعود إلى القرون الوسطى، خصوصاً بعد أن نالت تونس مؤخراً جائزة نوبل للسلام، التي رأوا فيها أملاً أو مدخلاً لمسار جديد من الحقوق والحريات يساهم في جعل البلاد ضمن ركب الدول المتقدمة التي تحترم حقوق مواطنيها وخاصة إنسانيتهم.

وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون ورئيس الجمعية التونسية للحريات الفردية وحيد الفرشيشي إن القوانين القائمة في تونس، بما فيها الجديدة كقانون مكافحة الإرهاب، تمنح الأمن السلطة لاتخاذ الإجراءات التي يعتبرها هو مناسبة رغم ان قانون الدخول إلى المنازل تنظمه المجلة الجزائية من حيث الوقت الذي يسمح فيه بذلك والإذن..

وأوضح الفرشيشي، في تصريح لحقائق أون لاين اليوم الاثنين 14 ديسمبر 2015، ان وحدات الأمن تدخل عادة إلى منزل معيّن بإذن من النيابة العمومية حول قضية معيّنة وانه في حال تبيّن بعد دخول المحلّ المعني انه لا وجود لموجب الدخول لا بدّ ان يغادر الأمنيون، إلا ان ما يحصل هو عكس ذلك.

وأضاف انه "على سبيل المثال إذا توجهت وحدات أمنية إلى منزل معيّن لشبهة وجود سرقة ولكن عند دخولها يتبيّن انه لا وجود للسرقة وإنما يوجد شباب يدخنون القنب الهندي أو شاب وصديقته في وضع يعتبرونه مشبوهاً، المفروض ان يغادروا لأنهم لم يجدوا أي شيء يدلّ على السرقة، ولكنهم في الواقع يقومون بإيقاف الأشخاص الموجودين وذلك بتهمة أخرى غير تلك التي أذنت لهم النيابة العمومية بالدخول إلى المنزل على أساسها".

وأكد ان هذا الأمر يعدّ تجاوزاً لمبادئ القانون.

من جهة أخرى، بيّن محدثنا ان القانون لا يتحدّث عن القيام بفحوص شرجية أو فحوص العذرية التي هي قانوناً ممنوعة لأنها تمسّ من الحرمة الجسدية موضحاً ان النيابة العمومية تطلب من المحققين في مسألة معيّنة ان يستعملوا جميع الوسائل العلمية المتاحة للتأكد لكنها لا تطلب القيام بفحص شرجي أو فحص للعذرية.

واعتبر ان القانون التونسي بصيغته الحالية يرجع إلى القرون الوسطى حيث لا يعطي أية قيمة للحرمة الجسدية مشيراً إلى ان فحوص العذرية أو الشرجية لا يمكن أن تتمّ إلا بطلب من المعنيين وبموافقتهم.

وشدد على ضرورة إعادة النظر في المجلة الجزائية التي تعود إلى سنة 1913 والتي تتضمّن قوانين متوارثة من القرون الوسطى وهي قوانين انتقامية لا تقوم على الإصلاح والردع.

ولفت أستاذ القانون إلى انه في تونس وإلى اليوم عندما يتعامل المواطن التونسي، مهما كان وضعه الاجتماعي، مع الأمن، تنتهك إنسانيته، وهذا الأمر من شأنه أن ينمّي مظاهر أخرى باعتبار انه يصبح مستعداً لدفع الرشاوى واللجوء إلى الوساطات لتجنّب ما سيحصل له طالما لازال القانون على حاله ، حسب تعبيره.

وأشار إلى انه في السابق كان هناك نوع من "النظام التسامحي" -إن صحت العبارة –  إلا انه بعد قضية مروان وما أثارته من جدل أصبحت هناك سياسة ردعية كاملة من المؤسستين القضائية والأمنية وارتفع عدد الاعتقالات.

وأكد ان القانون يمنح الأمن والقضاء سلطة واسعة حيث يمكن للقضاة أن يحكموا بإبعاد المتهمين عن مناطقهم أو منعهم من الانتخاب والترشح وغيرهما، معتبراً ان القوانين التي جاءت بنفس المنهج تفقد الإنسان المتهم إنسانيته.

وختم الفرشيشي حديثه بالقول ان هذه القوانين هي مخالفة للدستور الجديد وان العديد من القوانين على غرار المجلة الجزائية ومجلة الأحوال الشخصية بحاجة إلى التغيير وإلى عمل كبير إلا أن أولويات المشرّع اليوم ليست أولويات حقوقية بل بالنسبة لمجلس نواب الشعب مشروع قانون المنافسة والأسعار هو الذي له الأولوية.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.